ذات زمن ، نزح آل قرنح من حريضة .. ارض كندة .. 
     لحق الشاعر امرىء القيس بقيصر ليستعيد ملكا ضاع والثأر لدم ابيه !  وحين يقف على صخرة الألم يكتشف ان لاملك هناك .. ليس سوى الموت يغرد في غير اوانه ! خلد الملك الضليل مأساة كندة بشعره وبموته الأسطوري ..وتحول الموت إلى نشيد .. هنا يصبح الموت انشودة للحياة .. لاشيء اصعب على القلب ان يترك المرء ارضه .. ويلاحق ملكا ضاع ، فلا يسمع سوى رنين الريح ، وخطى الحنين .. ليس ماتتركه  التراب ، البيوت .. الشوارع ..بل الأرواح التي ضلت طريقها ، وسنوات ضاعت بحثا عن وطن ..
    آل قرنح. الذين منهم جدتي مريم ، لااحد يعرف الظروف التي أجبرتهم ان يتركوا حريضة ويتناثروا في حضرموت بحثا عن وطن جديد ، منهم من حط بهم الرحال في الحوطة التي تبعد عن روكب حوالي 50 كيلومترا، ثم سكنوا روكب - طبعا قبل وجود المكلا -  وفي سنة 1735م تقريباً باعوا بيوتهم في روكب لآل بامتيرف .. (والأستاذ عمر خميس بامتيرف يحتفظ بوثيقة البيع إلى الآن .) وسكنوا المكلا ..
  اما من سكنوا الديس الشرقية من آل قرنح فقد بنوا بيوتهم في القويرة. ، في العليب ، قريبا من بيت عمي عمر محفوظ المضي ، زوج عمتي سلطانة . 
  وككل الحضارم ادمنوا الهجرة .. فكان لآل قرنح هجرات متواصلة إلى جزر القمر. وفي إحداها تعرضوا لعاصفة بحرية مات منهم اربعة اخوة في وقت واحد ! لكن احدا لم يكتب عن التغريبة القرنحية !!ووسط هذه الأحزان ، رجع من جزر القمر إلى الديس ، واحد من آل قرنح اسمه احمد "جد محمد فرج مصاقع لأمه " ، واشترى ارضا في الصيق ، وكان له دورة مياه تعرف باسم بن قنح . 
 من يركب البحر لايخشى من الغرق ! من ذا يمنع حضرميا من الهجرة ومن ركوب البحر ..؟ انها جينات تجري في دمهم .. لم تمنع تلك المأساة التي تعرض لها آل قرنح في جزر القمر من ان يركبوا البحر من جديد ، فنقلوا هجرتهم في 1900م تقريبا إلى شرق افريقيا ، وبالأخص زنجبار ، وهناك حققوا النجاح واثروامن إشتغالهم  بالتجارة . فكان نجاحهم جزءََ من نجاح الحضارم هناك ..
    ذات يوم من1935عندمازارالجالية الحضرمية في زنجبار انجرامس ، كتب ان اكثر الأسرثراءً هنا هي : باهرمز وباهارون وبن قرنح . وفي عهد القعيطي فان بيت الجد عمر قرنح الذي بني في وقت تشييد قصر المعين في المكلا ، تحول الى بيت تراثي مميز ، فيه نفحات من عبقرية الفنانين الذين نقشوا ابوابه ونوافذه وهم ، نفس أولئك الذين نقشوا خشب قصر السلطان ..
   يعيش الأحفاد في الوقت الحاضر بين حضرموت و شرق افريقيا .. وفي الإمارات ، ومنهم من اصبح. مشهورا وتعاطى حرفة الأدب .. مثل الروائي العالمي عبدالرزاق قرنح المقيم في بريطانيا .. الكتابة ليست سوى مايجعلنا نحنحيا الحياة من جديد .. والهجرة والنجاح في المهجر عادة حضرمية لا احد يعلم متى تتوقف !