أيام قليلة ونودع فيها العام 2020م، كل الدول والحكومات قد وضعت خططها للسنوات القادمة، ورسمت مستقبلاً واضحاً لمواطنيها والأجيال القادمة لتحقق لهم الأمن والاستقرار والتنمية، انتهت الحروب والصراعات في معظم دول العالم، ليبقى اليمن والجنوب تحديداً ملعبا لتصفية الحسابات بين الدول، ورهيناً للقرار الخارجي الذي يحدد متى تبدأ الحرب ومتى يجب إيقافها!

في الأسابيع الأخيرة تم الإنتهاء من تنفيذ الشق العسكري لاتفاق الرياض، وفي الأمس القريب تم الإعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة، وكما ورد عنها حكومة مناصفة بين الفرقاء، هذه الحكومة كان يجب الإعلان عنها في مطلع يناير 2020م، وكان وقتها يمكن تجنيب البلاد الحروب العبثية، وكان يمكن كذلك حقن الدماء التي سالت في أبين، إلا أن سنة كاملة من العمر ضاعت بين دمار وشتات وقلوب مكلومة بفراق أحبتها الذين قضوا نحبهم في تلك الحروب. سنواتٌ عجاف كان لها أثر كبير ومدمر من الناحية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ليترك الفرقاء الشعب وحده من يدفع الثمن الباهظ والأجيال القادمة من بعده، وربما نحتاج لعشرات السنين لبناء ما تم تدميره ولملمة تلك الجراح الغائرة.

 الفرقاء اليوم أصبحوا رفقاء في تقاسم السلطة، وبعد أن دمروا هذا البلد وأفلسوه، خرجوا لنا بكلمات منمقة ليعلن كل طرف انتصاره على الطرف الآخر، ورغم ما اقترفوه بحق هذا الشعب الصابر، طالبوا الجميع وبكل بساطة بطي صفحة الماضي وكأن شيئا لم يحدث، ليخبرونا أن الأمر أنتهى وأن الحكومة قد تم الإعلان عنها...!!
 أعلنوا الانتصار حتى قبل أن يبدأوا بمباشرة أعمالهم على الأرض، ويوفروا للشعب الرواتب والخدمات الأساسية الغائبة عن كثير من المحافظات المحررة..!! والبلد على شفى حفرة لمجاعة لم يشهد لها التاريخ من قبل..!!
سنودع هذا العام ويبقى التحدي الأكبر أمام الجميع في الالتزام بتنفيذ بنود اتفاق الرياض.

كنت أتمنى أن أكتب في مقالي هذا عن الإنجازات التي تحققت خلال السنوات الماضية، وعن المشاريع والخطط المستقبلية للسنوات القادمة، ولكن يؤسفني أننا سنودع 2020م بوطن ممزق وذكريات مؤلمة، الكل منا تضرر من هذه الحرب بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.. 2020م ستمضي بكل ما فيها من آلام وحسرة على الوطن وعلى ما  فات من سنين سابقة من الحروب والعبث بمصير شعب كامل.

  عزاؤنا الكبير للزوجة  المفجوعة والأم الثكلى التي تنتظر على عتبات البيت عودة الابن المفقود، وإلى الطفل اليتيم الذي يقطر قلبه من ذاك الجرح العميق الذي يصعب أن يلتئم على فراق الأب، لذلك أقول قبل أن تذهبوا لقتال بعضكم البعض فكروا بأطفالكم وعائلاتكم، فلا شيء يعوضهم عن الحرمان. الرحمة لمن قضوا نحبهم في تلك الحروب والشفاء للجرحى، ومن الله نرجوا للوطن السـلام.