كنا قد اصبنا بالخذلان , وكل شيء امامنا ينهار , قيم واخلاقيات , دولة ومؤسسات , كنا قد فقدنا الامل , وعاد جزءا منه في خطاب فخامة الرئيس , ولو كان في عدن او أي مدينة محررة في الداخل  لكان ذات طعم وطني نفاذ , امل في ان نعيد ترتيب أوراق البيت الواحد , ونعيد مراجعة مواقف واختيارات , وثقافة وفكر معارك وجبهات فتحت , هي سبب خذلاننا ومآسينا و بؤسنا .

واقعنا الاسي هو ثمار ما زرعناه على الأرض في فترة صراع عبثي وثقافة سادة , وأبادت كل جميل فينا , لتظهر أقبح ما فينا , من كراهية استفحلت و ضاقت حلقاتها لتأكل كل خير فينا , اليوم وصلت لأقرب الناس الينا , تغلغلت بين رفاق الجبهة الواحدة , والمنطقة والمدينة والبيت الواحد , وبررت لحالة التفسخ الأخلاقي في العلاقات الإنسانية والوطنية معا , بل لازالت تبرر لمعارك عبثية مدمرة لا تبقي ولا تذر, وتبرر الارتهان والتبعية , والاستسلام للأطماع الخارجية , تبرر انتهاك الإنسان فينا , تبرر وبررت لكل قبح بأعذار لا يقبلها العقل الفطن , والنفس السوية , بقليل جدا من التفكير العقلاني تسقط أمام المنطق والحق .

كلا قال رأيه في التشكيل الحكومي , وكلا يبحث فيها عن فرص للنصر ضد شركاء الحياة والأرض , وكلهم يبحثون في إطار الضغط السياسي والعسكري على الخصوم , لاستمر الفتنة القائمة , وما زرع على الأرض من بطانة إعلامية  وثقافة وامراض اجتماعية ونفوس مريضة وعقلية عسكرية داعمة , يكفي لاستمرار الفتنة و استفحالها لسنوات طويلة , لأنها منظومة تقتات على هذه الفتنة , ومكونات زرعت ونمت وتجذرت في الأرض متطفلة على حياة الناس وأوجاعهم ومعيشتهم .

فتنة اقتلاعها من جذورها تحتاج لوعي اجتماعي , ونخبة سياسية واعية لمآلات الفتنة , تحتاج لشجاعة و وعي قادر على التسامح والتصالح مع الذات والآخر .

نحتاج لرأي عام يبلغ للتنوير , ويدرك ان الثورة قد أطاحت بالماضي ومنظومته السياسية , أطاحت بثقافة التعطش للمصلحة المادية والسلطة والنفوذ , أطاحت بفكرة الأحكام المسبقة , ولا تقبل ان يعود ما طاحت به , لا تقبل أحكام مسبقة جديدة مثلما كان في الماضي ,كشرط في توجيه العقول التي لا تفكر , لا تقبل صناعة نفوذ عسكري وقبلي يحكم إرادة الناس ومصيرهم , ويعيد ثقافات سادت وبادت واليوم يفترض أنها طي الماضي .

كان خطاب الرئيس برنامج عمل لبدء صفحة جديدة , تحتاج ان نهيئ لها البيئة , ونقوم بتسوية الساحة السياسية , لتنفيذ هذا البرنامج , الذي يحتاج لتطبيقه وعي يستوعبه أولا بمسئولية وطنية وإنسانية .

نحتاج لضبط كل المؤسسات الإعلامية والثقافية و والمكونات السياسية , ومنظمات المجتمع المدني , بنظام وقانون يقاع العمل الوطني والهدف الذي تشكلت الحكومة  من أجله  ,وأشار الأخ الرئيس في خطابة عن بنوده بوضوح تام  , حدد شكل التسوية السياسية وأهدافها .     

نحتاج ضبط عمل الصحافة والإعلام , كظاهرة انفردت بها المجتمعات الإنسانية الحديثة، و نمت مع حاجة الإنسان لمساحة واسعة من الحرية والديمقراطية , والنقد البناء , لتصحيح الاعوجاج ,حتى صارت أهم مصدر من مصادر التثقيف والتنوير .

ومحاسبة المستغلين لها عكسيا , والداعمين من خلالها مشاريع تضر بالتسوية السياسية , وتشويه صورة الحراك الشعبي والثورة والاتفاق , والطعن بكل فكرة ترسخ للدولة الوطنية , لم يعد مقبولا اليوم للصحف والمواقع والقنوات التي تثير النزعات الطائفية والمناطقية , وتكرس الكراهية للآخر , واي مكون سياسي فاعل منخرط في التسوية السياسية , يبقى محصن بتلك التسوية , ومعرض للمحاسبة اذا اخل بتلك الاتفاقات , والشعب اليوم شب عن الطوق وهو يراقب , والمطلوب ان يكون له راي قوي ضد الخارجين عن التوافق والاتفاق السياسي

الشعب ضاق ذرعا بالصراعات والحروب , والترويج الإعلامي للنعرات والكراهية , والعودة لشكل وجوهر الماضي , من خلال فكر الثورة والحاضر الذي يفترض به ان يؤسس للمستقبل بعيدا عن مآسي ذلك الماضي وتكرارها , والله الموفق