عدن.. الدجاجة التي تبيض ذهبًا، والجوهرة التي يتعارك على تملكها ألف فحَّام، لا عرف قيمتها من تحكم بإدارتها على مدى نصف قرن.
 وهي جوهرة المدن ونبع الخيرات الذي لا ينضب.. يتقاتل الرُّبحان ويمارسون طقوس صراعاتهم الدموية في كل دورة زمنية، للنهب والبسط على أراضيها والتخريب الممنهج بحقد دفين لتدمير مخططها الحضري عدن الكبرى (master plan)، إنهم أعداء أنفسهم، كما هم أشدّ عداوة وبغضٍ لعدن وأبنائها المتنورين!!

  تشهد عدن المدنية، صحوة رجالها ونسائها وشبانها، و وقوفهم لحماية ما تبقى منها ولتحقيق حقوق الإنسان في عدن، ومطالبه المدنية المشروعة، بعد أن فشلت كل الأطراف المتحاربة، وهي تدعي فرض أمر الواقع والسيطرة على عدن؛ في تحقيق أبسط حقوق المواطن من الحياة الكريمة ومقوماتها الملحة بتوفير الخدمات الأساسية من كهرباء ومياه ورعاية طبية، وبيئة نظيفة سليمة، وتعليم جيد يواكب تطور التعليم والبحث العلمي في العالم.

 عدن ولادة وتسجل اليوم ميلاد عدد من المكونات المدنية الحقوقية، التي يجمعها قاسم مشترك وهدف أسمى هو المطالبة باستحقاقات مدنية عدن، و رفع يد البطش السلطوية المدمرة والفوضى المسلحة العبثية عنها، بعد أن سعت الحكومة اللاشرعية والأنظمة (البوليسية) في عدن، وبما تسمى منظمات المجتمع المدني، من تأسيس (931) مؤسسة وجمعية أهلية في عدن، من 1990 حتى أغسطس 2019 (المؤسسات الأهلية (501)، الجمعيات الأهلية (430))، حسب تصريح مسؤول في أحد المواقع الأخبارية في سبتمبر  2019؛ لإفراغ عدن من محتواها المدني وتهميش مطالب أبنائها وحقوقهم.. والقارئ اللبيب له أن يتخيل الزيادة في سنة 2020 ويقيِّم حجم الكمي لتلك المؤسسات والجمعيات وما تقوم به من أنشطة وفعاليات شكلية، لا تخدم مدنية عدن، وتلبي حقوق الإنسان ومطالبه الحياتية المشروعة، التي باتت أحلامًا مستحيلة مع تدهور الأوضاع الشاملة في عدن.

وها هي عدن المحروسة تنهض بوعي مدني حقوقي، تتبنى القضايا المجتمعية العامة لأبناء عدن ولمواطنيها، وتبلور أفكارها الحرة الجديدة لمرحلة نوعية جديدة تتجاوز الكم الكبير الذي ساهم كثيرًا في إفساد العمل المجتمعي المؤسسي، وأفرغ المنظمات المجتمعية والمكونات المدنية من محتواها الديمقراطي التشاركي، وتهميش دور أبناء عدن الريادي في مختلف مجالات الحياة المدنية وبناء المستقبل.