آه لو يعلم القادة والزعماء وأولياء الامر منهم في هذا الوطن الذي يقطر فسادا و إفساد , ان لو دامت لسابقيهم من الفاسدين ما وصلت لهم , وان فسادهم قد تخطى فساد أسلافهم تريليونات من الأموال والقرارات واستغلال السلطة والوظيفة , وانهم قد طغوا وبغوا بحق هذا الشعب المغلوب على أمره  .

المؤسف اننا كشعب , نسوق لهم الأعذار , و نقبل ان نكون ادواتهم , ونتقبل مبرراتهم في مناصرة الفساد , تحت عناوين مختلفة , منا من تستهويه العبودية وحب الزعيم , ويجد نفسه مستميت في الدفاع عن هؤلاء القادة , والتغطية عن فسادهم , وتبرير إفسادهم , ومنا من يربط قضيته بأفراد وشخوص وكيانات ومناطق , وتنهار من حساباته قيم وأخلاقيات القضية وعدالتها، فيتمترس بجبهة الزعيم .

ثرنا ضد فساد المنظومة السياسية , نتطلع لإصلاحها , وحلمنا بضرب نفوذ الفساد والفاسدين فيها , وضاع الحلم , فهل انتصر الفساد علينا ؟.

كثيرا هي أوجه الفساد التي عانينا منها وكانت الدافع الحقيقي للثورة , حان وقت الاجابة على أسئلة الثورة , هل فعلا حققنا تطلعاتنا في ضرب منابع الفساد , وتحطيم نفوذه , وأرسينا قيم ومبادئ واخلاقيات الثورة والعدالة والمواطنة ؟!!

ام ان الفساد غلب الثورة , وازداد شراهة وعنفوان ونفوذ وسلطة ؟ واستطاع ان يلهينا بصراعات سلبية ساهمنا فيها من حيث ندري او لا ندري , بتدمير وسائل وأدوات التنمية السياسية والديمقراطية والدولة الضامنة, و رصفنا طريق فساد لا دولة , فساد العصابات والمليشيات .

هذه الأسئلة تجد إجاباتها في واقع اليوم , وترسيخ فكرة الدولة والمؤسسات , التي تنهار أمام مؤسسة الفساد , فكرا وثقافة  .

على سبيل المثال لا الحصر , الطاقة المشتراة(المستأجرة) كانت أهم بؤر فساد المنظومة السياسية للنظام البائد , واليوم مازالت قوة مسيطرة على مجال الطاقة الكهربائية , بعد ان تمكنت من تعطيل دور مؤسسات توليد الطاقة الحكومية , بعدد من الإجراءات والقرارات الكارثية التي تسببت بها منظومة العمل ما بعد الثورة , مما يؤكد القول ان لا تغيير إيجابي , و أدواتها هي أدوات الماضي برداء الثورة المسلوب , وبالتالي نكون غير منصفين ان قلنا عجزت في استعادة الدولة ودعم مؤسساتها , وضبط أجهزة الرقابة والمحاسبة , وتقوية مؤسسات العدالة والحق , فالحقيقة المرة ان الفشل هو برنامج عمل نفوذ وسلطة وهيمنة الفساد , الذي استطاع ان يغرر بنا ويخدعنا , وعاد بكل منظومته , وتمكن من تحييد وضرب كل الشرفاء والصادقين من قوى الثورة الحقيقية , وتخلق بقوى نفوذ جديدة كسند للقديم  , وعطل كل تلك الأدوات الضامنة للعدالة وتدعيم فكرة الدولة .

فلا غرابة ان نترحم اليوم على شباب الثورة الصادقون , وندعو الله ان يفك اسرهم , ويحفظ منهم من ترك المجال و أنكفئ في البيت او هاجر ارض الوطن  او نفي او أقصي وهمش , فالبركة ممن نزلوا علينا بمظلات دول الجوار كمنقذين , من طائرات عاصفة حزم وأمل , فانصب الحزم لتقويض الثورة وقواها الحية , وتفعيل دور القوى التقليدية المتخلفة القادمة من أغوار الجهل والعصبية , وترسيخ صراعات طائفية مناطقية , وفقد المواطن الأمل والتطلع , فكان امل الفساد والافساد واللصوص والناهبين , والقتلة والمجرمين , للسيطرة والتمكين , ببث روح  الكراهية والأحقاد والضغائن , وتفسخ القيم والأخلاقيات , فتمخض واقع اليوم البائس. 
هم من تحسنت أحوالهم، وبنوا  القصور و كدسوا الأموال , متنعمين فسادا وإفساد  وأموال الحرام  والاستغلال , والمواطن يموت جوعا ومجاعة , يفتقد للخدمات والعدالة والحرية والمساواة. 
قهرنا المستقبل  , وحال الأبناء والاحفاد والشباب الواعد المعنيين بالمستقبل. 
فهل بستخلصون  الدروس والعبر من تجارب اسلافهم , و يتحرروا من ثارات وأحقاد الماضي , و ينفضوا عن على كاهلهم هذا العبء الثقيل , ويبداون صفحة جديدة من التصالح والتسامح , لينطلقوا معا ضد الفساد والإفساد , والإرهاب الفكري والثقافي والمعنوي , وعبودية الشخوص والزعامات , والصمت على فساد القادة و اوليا الأمر منهم , لنخلص من إرهاب بعضهم بعض , و وقف الصراعات السلبية المدمرة , ونتجه للبحث عن نقاط مشتركة ترتقي بوطن يستوعبنا جميعا بكل توجهاتنا واختلافاتنا واطيافنا واعراقنا وأيدولوجياتنا ,  منضبطين بعقد اجتماعي ونظم وقوانين متفق عليها , و دولة ضامنة للمواطنة .