تسمى الأحقاف وارض قوم عاد وحضرموت ..تحتل المساحة الأوسع في جغرافية اليمن الديمقراطية . وفي يوم ما كانت تشمل كل الأراضي الواقعة بين عمان شرقا حتى سواحل ابين، وصحراء الربع الخالي .... وشاطئ بحر العرب من باب المندب غربا حتى عمان شرقا كان يسمى ساحل الشحر .. والشحر كانت من اقدم واهم الموانيء واسواق العرب ...
على هذه الاراضي الشاسعةالموغلة في التاريخ قامت اقدم الحضارات والممالك في تاريخ العرب ، مصدر الثروة والرخاء الذي عرفته جزيرة العرب ، بما تنتجه من سلع استراتيجية تتحكم في الإقتصاد العالمي في عهود سحيقة ، وموفرة حالة من الرخاء لها ولمن حولها..
 وامتدت علاقاتها التجارية إلى مصر الفرعونية..وبابل في ارض العراق ، والإمبراطورية اليونانية،وإلى الهند والسند ..حضرموت بلاد اللبان وارض النخيل  ..ثرواتها جعلتها محل اطماع وغزو الجيران الأقوياء .. تنهزم في اوقات ، وينحسر نفوذها في اوقات أخرى لكنها عصية على الابتلاع ، وعلى محو اسمها وهويتها ..
  نشر الحضارم الإسلام في الشرقين الإفريقي والآسيوي ، وعبر التجارة  والمعاملة الحسنة نشروا قيم الاسلام الحق ...بلاد العلم والعلماء ورباط الغيل وتريم مدينة المساجد.. وشبام اول ناطحات سحاب في العالم وعمارة الطين التي الفت عنها المهندسة المعمارية د .ريم عبدالغني كتابها : ( حضرموت حضارة لاتموت )والمهندسةالعراقيةسمرالدملوجي
المفتونة والمهوسة والعاشقة لطابع البناء الطيني بحضرموت كتبت مؤلفات عن طابع البناء بحضرموت ويافع. ..هناك ايضا الالماني حامل جائزة نوبل جونتر جراس صاحب مبادرةالحفاظ على طابع بناء الطين في حضرموت وتدريب الشباب في هذا المجال...ومباني وادي حضرموت الطينية تشكل هوساللأوربيين المتعطشين لزيارة حضرموت وخصوصا الألمان الذين يفردون برامجا عن حضرموت تحت مسمى: (حضارة الطين ) في قنوات التلفزة المختلفة .. 
حضرموت امرؤ القيس ، والأشعث بن قيس الكندي .. حضرموت بلاد الدان ، وفن الغناءالحضرمي ، حداد الكاف ، وحسين المحضار ، وحسين البار ، والمعلم حميدان ، ومحمدجمعةخان ، وابوبكر بلفقيه ، وعبد الرب إدريس ، بلاد العدة والشبواني والشرح والغية والنعيش .. ارض العسل الدوعني  واللبن واللبان .. ارض الحكمة والتجارة ، والبحارة وربابنة السفن ..
                           (2)

   عندما انتزع الجنوب إستقلاله الوطني في 30 نوفمبر 1967م بعد ثورة مسلحة و129 عاما من الإحتلال البريطاني لعدن ومحميات الجنوب ، واراد ان يختار اسما لجمهوريته ودولة الإستقلال ، كان من ضمن الأسماء المطروحة تسميةالجمهورية الوليدة : حضرموت الكبرى . فلم تكن في الجنوب هوية جامعة..كانت عبارة عن محميات وسلطنات وإمارات تبلغ نحو 23 لكل منها إسمها ونطاقها الحدودي وحاكمها اوسلطانها . كانت هذه هي المرة الأولى التي تتوحد كل تلك السلطنات والإمارات المتفرقة في كيان سياسي واحد ودولة واحدة في العصرالحديث ،
..لهذا احتار قادة الجبهة القومية التي تسلمت الاستقلال في المسمى الذي يطلقون عليه اسم الدولة الجديدة . المسمى التاني الذي طرح على نطاق البحث كان : جمهورية عدن ، باعتبارها العاصمة للدولة الجديدة ، وحينا عدن وحضرموت . اما المسمى الثالث وهو الذي وقع عليه الإختيار فكان :جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية .
     
                                (3)
 
    كانت حضرموت حاضرة في تفكير وهاجس الرئيس سالم ربيع علي بحكم ماتمثله في الجغرافيا الجو سياسية للجمهورية  ،وماتزخر به من ثروات واعدة ، وبحكم ماتملكه من مقومات الدولة من ادارة وموانيء ومطارات ، وثروة بشرية ، وايضابحكم متاخمتها للسعودية وما لها من اطماع في حضرموت تبدت سريعا في احتلالها للوديعة والشرورة بعد فترة قصيرة من استقلال الجنوب ، لهذا كانت زيارته في جزء منها للمواقع العسكرية ..
  لكل هده المعطيات وغيرها ، كانت حضرموت حاضرة في تفكير الرئيس والقيادة على الدوام، فهي العمق الاستراتيجي للجمهورية وخزانها البشري ، واحتياطها الاقتصادي والمادي ..ولعل كل هذا وغيره كان سببا كافيا لأن تكون مركز اهتمامه ، ومن دواعي زيارته لحضرموت .

                           ( 4)
    
    يقول عبد الله عمر المضي الذي عمل في مراسم الرئاسة في التواهي : زيارات الرئيس سالمين لحضرموت شملت الساحل ..المكلا والشحر ، والوادي بمدنه سيئون وتريم وشبام والقطن ،والصحراء ثمود والعبر .كانت استطلاعية ولم يتم فيها افتتاح مشاريع ذات قيمة او وضع حجر اساس لمشاريع استراتيجية ، لكنها كانت تكتسب اهمية كبيرة ، من ناحية الاهتمام بحضرموت كبرى محافظات الجمهورية والإستماع لمشاكل الإدارات واحتياجات المناطق والمواطنين الحضارم ... 
في الشحر زار الرئيس سالمين نادي شباب الجنوب ونادي كوكب الصباح مع جلسة شاي مع الإدارة والأعضاء في كل منهما، وتبادل الأحاديث حول المسائل التي تهم كل من الناديين اللذين يعتبران من اقوى اندية حضرموت الكروية ، واي لقاء بينهما يتحول إلى منافسة بين جمهورهما الذي لايقتصر على الشحر ..ومن المعروف ان الشاعر الكبير حسين ابوبكر المحضار كان في ستينيات القرن الماضي ضمن ادارة نادي الكوكب وقال فيه اغنيته المشهورة : " على ضوء ذا الكوكب الساري باقضي الليل خبة وسيرة ...ولاحد بما اقصده داري غير الذي يعلم الأسرار "  كما ناقش معهم المشاكل التي تعترضهم ومستقبل الرياضة وتطورها بشكل عام ، مستندا الى خلفيته الرياضية كلاعب كرة قدم في احد اندية المكلا عندما كان في دورة مدرسة القادة ..
                             (5)

 في زيارته الوادي اصطحب الرئيس وزير التربية والتعليم احمد عبدالاله ووزير الصحة عبدالعزيز الدالي وبعض الفنيين من ادارات مختلفة كفنيي المؤسسة العامة للحفر(لمياه الشرب)...ليزور كل منهم الادارات التي تتبع وزارته ويلتقي بمسئوليها للوقوف على مشكلات واحتياجات المناطق ضمن مسئولية كل منهم وايجاد الحلول والمعالجات للمشاكل والنظر في كيفية تلبية المتطلبات وما تحتاجه مرافق الصحة ،وماتتطلبه ادارات التربيه والمدارس التي تتبع وزير التربية والتعليم ..
 وقام الرئيس ومرافقوه بزيارة المواقع التاريخية وبعض المدارس...
  وكما في الزيارات الاخرى تم إعطاء التوجيهات بشأن حل بعض المشكلات ،  وتسجيل الأخرى لحلها مستقبلا عندما تسمح ظروف البلاد الصعبة حينها...

                             ( 6)
   
   ويضيف عبد الله عمر المضي : في الصحراء زار الوفد معسكرات الجيش والألوية المرابطة هناك واطلع على مشاكلهم ومتطلباتهم وتم تذليل بعض الصعاب وحل ما امكن من المشاكل التي تواجههم وفقا والامكانيات المتاحة ، مع مايعنيه ذلك من الأهمية التي كان يعطيها الرئيس لتأمين حدود الجمهورية وتلبية متطلبات الدفاع عنها وحاجات القوات المسلحة ، وازددات هذه الأهمية بعدما احتلت السعودية بعض المناطق في حضرموت مستغلة تفوقها العسكري ومستعينة بقوات باكستانية .
 وكان الرئيس يصطحب في زياراته إلى المحافظات مختصين وفنيين في مختلف التخصصات لتقييم حالة المناطق من المشاريع المختلفة ووضع المقترحات والحلول بشأنها وتطبيقها على الواقع كما هي عادته خلال زياراته التي يقوم بها الى مختلف المحافظات والمديريات ..
   كان يرى من خلال النزول المباشر وحرصه على اصطحاب الوزراء والفنيين المعنيين على ان ذلك يساعد على تلمس المشاكل ، وتقييم المتطلبات ، وتقديم الحلول الممكنة بدلا من الطرق والاساليب الادارية ورفع التقارير والتي تأخذ الكثير من الوقت ، وتبطيء من تقديم الحلول في وقتها قبل ان تتفاقم اكثر ، في بلد لم يستكمل بعد جهازه الاداري ووسائل الاتصال والتواصل بين المركز - العاصمة وبقية المحافظات ، في بلد يسابق الزمن ويواجه الكثير من مشاكل التخلف .. ويحتاج إلى تسريع التنمية واجتراح الحلول الممكنة .
  في الزيارة الأولى لحضرموت الوادي . استقل الرئيس ووفده المرافق طائرة النقل العسكرية انطونوف( انتونوف) من مطار بدر العسكري في خور مكسر إلى مطار بحران ، إذ لم يكن لدى الرئيس طائرة رئاسية ، بل كان يستخدم طائرات الجيش في زياراته ..بات الليلة الأولى من زيارته مع الجنود في الصحراء...وتفقد الجاهزية القتالية ومقر القيادة تحت الأرض ،ثم توجه إلى سيئون بالهليكوبتر.

                               (7)

  اول ماوصل سيئون ، كان اول من سأل عنه محمد حيدرة مسدوس ،لأنه لم يره بين الحضور .. وكان يعمل حينها في الإستخبارات العسكرية ، ثم مالبث ان حضر ببدلته العسكرية ولكن من دون الرتبة على الأكتاف... ومكث الرئيس يوما في سيئون ثم واصل الرحلةبالمروحية لصحراء حضرموت في ثمود وزار رماه ، وبتنا ليلتنافي الخيام غير بعيد منها... وشملت زيارة الوفدثوف وغيرهما من المناطق حيث التقى الرئيس بالمواطنين واستمع إلى مشاكلهم واحتياجات مناطقهم ...
في زيارة الرئيس للصحراء كانت طلبات المواطنين تتركز على المياه والمدارس لتعليم ابنائهم ،وفتح مراكز صحية تقدم التطبيب لساكني الصحراء...
   من الصحراء عدنا مع الرئيس إلى القطن بالهليكوبتر وبعد إستراحة قصيرة فيها مع مأمورها صالح منصرالسييلي احتسينا خلالها فناجين القهوة وتناولنا القليل من التمر ، واصلنا الرحلة إلى عدن بالمروحية..
الهليكوبتر  ....

وفي المرة الأخرى عند عودتنا من الشحر هبطنا في مطار عدن الدولي قبل هبوط طائرة الرئيس الصومالي محمد زياد بري بثلاث دقائق فقط حتى اننا انضممنا الى طابور المستقبلين .. 
وقد اثار إنتباهنا وجود حراس صوماليين اعلى مبنى  إدارة المطار حتى ان سالمين علق وكأنه يخاطب بري :
  - من سيستهدفه هنا في عدن..؟!..
وكان الرئيس الصومالي قادما إلى عدن في زيارةرسمية . ويعكس هذا مدى ماكان يوليه الرئيس سالمين من اهمية لعلاقات اليمن الديمقراطية مع محيطها الجغرافي الحيوي ، خاصة القرن الأفريقي ودول الخليج العربية التي كان اول من بدا الانفتاح عليها ..