صادف يوم امس الخامس من أكتوبر اليوم العالمي للمعلم ,مربي للأجيال , وباني العقول والمجتمعات , كان له ان يكون يوما مميزا يكرم فيه المعلم ,  الذي أفنى ريعان شبابه في خدمة الوطن والمجتمع , وبناء الانسان , وإخراج المجتمع  من مستنقع الجهل والظلام والظلال الى نور العلم والمعرفة , صانع أدوات البناء والتعمير .

جيل من المعلمين الأوائل في عدن , خاضوا معركة التنوير والوعي ما بعد الاستقلال , ونشروا التعليم في كل ربوع اليمن الجنوبي حينها , في الصحاري والبراري , والجبال والوديان , والجزر والخلجان , انتشلوا مجتمعات بدائية , من بدو ورحل , ليجعلوا منها مجتمعات منتجة ومستقرة ومتعلمه , كل تلك الكوادر والمؤهلات اليوم في تلك المناطق يعود الفضل لعدن ومعلميها الأوائل ,و عندما دارت الدائرة , وتسلط الريف , غزاها بكل ما فيه من عصبية , وجهل وتخلف , وأراد تجهيلها , بالتسلط على مؤسسات هامة منها نقابات التعليم , التي تفرض تعطيل متعمد وغير مدروس للعملية التربوية والتعليمة , تعطيل سياسي بدعم عسكري .

هذا الدعم العسكري في مواجهة النشاط المدني , ساهم فيما حصل للنقابات العتيقة للتعليم في عدن , التي تمثل إرث وتراث عدن التاريخي والسياسي والثقافي , وتم طرد كوادرها بقوة البندقية من مقر الاتحاد العام لعمال الجمهورية , وهي قامات تربوية عريقة بعراقة المدينة ودورها الثقافي والتعليمي , اتحاد العمال الذي سلم اليوم لغير العمال , بشطط وتهور وعنجهية ثورية غير واعية ,  مما عطل دور منبر مهم من منابر الحركة العمالية , و دوره في إحياء مثل هذه المناسبات , التي كان الاتحاد بها يتحول لخلية نحل من الفعاليات والندوات والاحتفالات والتكريم , للأسف اليوم خاوي على عروشه مرتع للجرذان ونعيق الغربان .

لا يهم هي أزمة وستزول , بعد ان تحرق تلك الأوراق الهشة , وتعود الدولة , وتفرض النظام والقانون , و تنتصر أدبيات وأخلاقيات المهنة , وان غدا لناظرة لقريب .

فلا يسعنا اليوم غير ان نطل عليكم كنقابة من نافذة التواصل الاجتماعي والمواقع المستقلة , من وراء الإقصاء والتهميش , ومتارس العنف والبندقية , وسياسة خليك في البيت , التي يكررها رفاق اليوم , لنحيي المعلم بمناسبة العيد العالمي له, ونذكر الغافلون في سلطات الأمر الواقع , ونفوذ الحرب , وادواتهم المصطنعة بمسميات نقابية وسياسية , ان هناك شريحة مهمة من المعلمين والمعلمات , صالوا وجالوا في مجال التعليم , وقدموا ريعان شبابهم , وتناوبوا جيلا بعد جيل , برز منهم اعلام تربوية , فخرا للوطن والمجتمع , تستحق التكريم والافتخار بكل ما قدموه في بنية المجتمع , نشأة الجيل من الطفولة الى الشباب , الى عماد المستقبل , إلى كوادره واعمدة بنائه , من أطباء ومهندسين , واكاديميين وباحثين , وعمال ومهارات في مختلف المجالات , بما فيهم تلك الأدوات التي  اذلت المعلم ومؤسساته الحقوقية ( النقابات ) , كانوا في زمانهم امهر المعلمين والتربويين في المنطقة , تشهد لهم المدارس والقاعات والجامعات ومركز التدريب والتأهيل , والتطبيق العملي في كل مجالات الحياة , وماذا يشهد اليوم لغيرهم ؟ غير الخزي والعار .

المؤسف اننا امام مسؤولين يمر امامهم مثل هذا اليوم مرور الكرام , دون ان يتذكروا المعلم , يتذكروا فترة مهمة من حياتهم , هي فترة التعليم والمدرسة و البناء والتأهيل , ويشيرون فيها بالبنان لمن كان محور العملية و ونجاحها .

أيها المعلم في كل مكان على ارض بلادي اليمن , في ظل الحرب والخراب , وسلطات متناحرة , واهمال واللامبالاة , عليك ان تفتخر , انك كنت القلب الكبير الذي احتمل الجميع , من اجل ان يصنع منهم شيء يخدم هذا الوطن , الذي ينهشه اليوم الجهل , بعد ان كنت قائد جبهة المواجهة مع ذلك الجهل والتخلف , وخذلك الجميع  , حينما كنت تحمل مشعل النور لتضيء طريق الحرية بتحرير العقل من الخرافة .

ستبقى نبراس يتذكرك تلاميذك وطلابك الشرفاء والاحرار منهم , حتى وان وصلوا لسلطة ما , واهملوا حقوقك , وتركوك ضحية لتداعيات الحرب , والعنف , ومليشيات النهب والسطو على الحقوق والمستحقات , ستبقى النقطة الأضعف في حالة العنف المستشري , وحقوقك الضائعة عار على كل سلطة , وكل مسؤول بيده الحل ولم يتجرأ لانتزاع تلك الحقوق من مغتصبيها , وتكريمك في لحظة تستحق فيها التكريم .

هل يصحوا ضمير الامة , ليرحم حال المعلم محور عملية البناء والإصلاح , ان توفرت  نوايا  بناء وطن , تبدأ ببناة الانسان أولا , بنية المجتمع , ونواة حركة التغيير والبناء والتعمير , انتشال وضع المعلم معيشيا واجتماعيا , هو انتشال حال الوطن لمصاف التطور والنهوض , والله على ما نقول شهيد