قال المُؤرِّخ الفِرَنسي "فَرانسْوا ألَارْدْ" :-

((تألـَّفـَت الثورة الفِرنسية عام 1789م، لِقَمْعِ ما يُعْرَف بالنِظام الإقطاعي، وتَحْرير الفَرْد، والتوزيع العادِل لِمِلكية الأرض، وإلغاء امتيازات النـُبَلاء، وإنشاءِ المُساواة وتبسيطِ الحياة، وتطبيقِ مَبدأ العدالة، والحُرية، والإخاء، فأحدثَ ذلك إزدِهارا حَضاريا رائعا للإنسانية لم يشْهد لهُ التاريخ مَثيلا .. )) ..

بعد أن عَمَّت رياح الثورة الفرنسية كامل أوروبا، جاء البريطانيون إلي ولاية عـَـــدن وحكموها إبتداء من عام (1839م حتى عام1967م)، فأدخلوا فيها القوانين العَصْرية التي جاؤا بِها من أوروبا التي نَفَضَت غُبار التخلف والإستعباد إبان الثورة الفرنسية عام 1789م ..

بِفَضل تلك القوانين العَصْرية، صارَت ولاية عَــــدَن مُزدَهِرة إقتصاديا واجتماعيا، وحـَمـِل مجتمع عَـــدَن شعلة العِلْمٍ والحَضارةٍ لِيَشعُّ نورُها على جميع المناطق المُحيطة بها والتي كانت تـَقبَـعُ تحت أنظِمة قـَبلية تـَسري فيها قوانين وأعراف وأنظمة إجتماعية عـَفى عليها الدهر ..

حينها صَارَت ولاية عدن مَيْناءً عالمياً حـُرا مزدَهِرا بِحُكم مَوقِعِها الجُغْرافي الفَريد، والقوانين العَصْرية المُنْفَتِحة، وتَطَلَّب ذلك الإزدهار إسْتِجلاب الكثير من الأيدي العامِلة الماهِرة من مناطق مُختـَلِفة من آسيا وشرق إفريقيا واوروبا، والتي كانت تَحمِلُ حضارات وثقافات عصرية مـُتمازجة .. 

عزَّز قدوم أولئك الأجانب - وكان كثيرٌ مِنهم من المسلمين - عززوا ذلك الإزدِهار بِثقافاتهم وخِبراتهم، واندَمَج مُعظمهم أو تزاوجَ مع سُكانِ عـَـدن العَرب الأصليين وشكَّلوا بَوْتـَقـَة عَصْرية، جعلت من عـَـــدن أنموذجا فريدا في الجزيرة العربية والخليج .. 

من حـُسنِ حظ مُستعمرات أخرى كـ "هونج كونج"، وسنغفورا، وجبل طارق، وجُزر الفولكلاند - بعد إستقلالها من بريطانيا - أن حافـَظَت النُخَب التي تربَّت تحت مِظلَّة بريطانيا المُتحَضِّرة، على ذلك الإرث الحَضاري، فواكبوا العصر وصارت دولهم (إقتصاديات) يـُشارُ إليها بالبنان .. 

في عـَــدن، وإبَّان إستقلالها عام 1967م، قَـَفَزت إلى السُلطة منظمات جاءَت من مَناطق الرِّيف المُحيطةِ بِحدود عدن البرّية، من الشرق والشمال والغرب، والتي لم تمسُّها حضارة العصر ..

تلك الفئة التي قَفَزت إلى السُلطة، إعـْتـَبِرت الإدارة العدنية والقوانين العصرية السارية، مُخالِفة للإرث القديم الذي كان يَسُودُ مناطِقَ تلك الفئة، ماجعل النُخب العدنية تـَشعـُر بِوجودِ رَفَضٍ لها ونُفورٍ ومُضايقات، فأضْطُرَّت لتَرك وَطَنَها الأُم عـَــدَن، لِتَغـْتـَرِب في مناطِق الخليج وأوْروبا وأمريكا، وتوقفت بالتالي مَسِيرة التقدُّم والتنْمية في ولاية عـَـــدَن ألتي كان يَجِب أن تكون الآن بِمُستوى رَخَاء المُستعمرات التي تحررت كـ هونج كونج، وسنغفورا، وغيرها ..

كَتَبَ الكثير من الكُتـَّاب الجنوبيين يُنادِون بِضَرورةِ مَنْحِ عـَــدن "حُكم وإدارة خاصةبها" إسْوَة بِالولايات المُزدهرة الأخرى التي تركتها بريطانيا، وذلك من خِلالِ التعاقدِ مع جِهات أجنبية "مُتخصِّصَة" لإعادة تأهيل عـَـــدَن وإستِعادةِ مَجْدِها الغابِر (بِحُكم موقِعها الجـُغرافي الفريد)، والذي بالتالي سَيُؤثر إيجاباً على المحافظاتِ المُحيطةِ بـ عـَــدَن ..

هل من مُجيب ..؟؟؟ ..