أكثر مدن اليمن تطلعا للانفراج اليوم هي عدن , عدن التي تعيش أوضاع مأساوية , ودورها معطل , وحقوق أبنائها ضائعة , فقدت ريادتها , وتفقد كل يوم مقوماتها ,وهي أسيرة لسلطة عنف , تساوم عليها في صراع عن السلطة واستغلال الثروة .
عدن التي وهبها الله بموقع استراتيجي , وميناء رباني , ومقومات حضارية , واكتست على مدى قرون من النشاط الاقتصادي والتجاري , بنسيج جميل من الأعراق والثقافات والاجناس , الذين قدموا إليها من كل انحاء العالم و محيطها العربي والإقليمي والجغرافي , جعل منها رائدة في كل المجالات , وذات خصوصية سياسية واقتصادية وثقافية , كانت ذات يوم مزار عالمي , ويشار اليها بالبنان , ويضرب بها المثل , ويتمناها الحكام والطامعين , والدول الاستعمارية .
عدن إنها المدينة التي فاض خيرها ذات زمن, وسيفيض متى ما استعادة إرادتها , لكل من حولها من المحيط الجغرافي , الى المحيط الإقليمي والعربي والدولي , فإن صدقت نوايا الانفراج , افرجوا عن عدن , وحرروها من كل قوى العنف , لتكن عاصمة ينطلق منها الجميع , لاستعادة الدولة أولا , الدولة التي دمرها التخندق الايدلوجي المرتكز على التطرف والعصبية , واستخدم عدن وسيلة ضغط , وقيد مقوماتها , وافرغ محتواها الثقافي والسياسي , وأرادها له وحده , عبث بالنظام والقانون , بالأراضي والمتنفسات , والتاريخ والإرث , بالإدارة والإيرادات وسيادة عدن , و ,وجعلها ثكنة عسكرية , وانك كل جراحاتها منذ 67م ومنعطفات الصراع الدموي , حتى غزوة 2015م التي قدم أبنائها لوحة اسطورية في النضال والتحرير , أفزعت كل الطامعين بعدن , وحاكوا المؤامرات والدسائس , لإخضاع عدن , وتجريدها من تلك القوة والصلابة , لتبقى تحت السيطرة والإذلال والمهانة .
عدن جوهرة بيد فحام , لا يدرك أهميتها , ولا يهتم لخصوصيتها , بل ترك بصماته السُود , واحجب الوانها الجميلة على الوطن والمحيط , ومن صفات الفحام , انه يفحم الخصم , أي يسكته , وعندما افحم عدن ودورها , اسكت كل صوت جميل فيها , ومنع كل خير يشع منها , وانكر جميلها عندما انتشلت واقعه المتخلف ابان السلطنات و المشيخات , ونقلتهم عدن من بدو ورحل ,الى مجتمعات إنسانية متحضرة , من ظلمة الى النور , حينما هب أبنائها للتدريس والتوعية في مناطق نائية كانت معزولة عن العالم , ومن عدن فتحت لهم أبواب العالم .
يبقى السؤال هل بمقدور هذا التوافق , ومجلس القيادة الرئاسي , ان يعيد لعدن دورها وريادتها ؟, ويستفيد من مقوماتها , وينتشل ذلك العنف الجاثم على صدرها , ويبدأ منها فكرة ترسيخ الدولة ,و تفعيل النظام والقانون , وتفعيل كل المؤسسات الحيوية للدولة , وإلغاء كل التعيينات المناطقية التي أقصت الكوادر المؤهلة , والخبرات المهنية المتراكمة , وإلغاء كل ما أخذ بالعنف , وسيطر عليه العنف , وجرد عدن من كفاءتها وكوادرها , كانت على مستوى النقابات والمؤسسات الحيوية او المرتكزات الاقتصادية , المستلبة اليوم من قبل قوى العنف واعوانه .
تنتظر منكم عدن قرارات حاسمة ومسؤولة , تعيد لها روحها , ورونقها ,بتشكيل فريق عمل حقوقي ورقابي , سياسي اقتصادي  , لتقييم الوضع في عدن , ومحاسبة كل من اجرم بحق عدن , وتعويض الضحايا , واطلاق المعتقلين , والبحث عن المخفيين قسرا , وتفعيل دور النيابة والقضاء , وتقديم ضمانات استقلاله , وحماية احكامه وتنفيذها بقوة الدولة والحق , تنتظر عدن عدالة انتقالية , لترسيخ عدالة اجتماعية , فهل ستنتظر كثيرا ؟ .
لم يعد يهمنا في عدن أي مشاريع تجعل من عدن ساحة للصراعات , الناس كفرت بالشعارات , التي أوصلت الصوص والفاسدين لسلطة , لم تقدم للبسطاء غير الجوع والمجاعة , والظلم والقهر , والجهل والظلام والمخافة , حولت عدن لقرية تفتقد لأبسط سبل الحياة والكرامة والخدمات والمعيشة , والحرية والمساواة , وفقكم الله لما فيه خير الوطن وعدن