ان فقد الانسان حق الانتماء , لا مجال امامه غير الضياع , و يتوه مفتشا عن ملجأ احلامه واماله , ولا ترتقي الأوطان الى بقوة حق الانتماء لها , وهكذا بالنسبة للمدن والأقاليم .

ان كانت الأحزاب هي أدوات التنمية السياسية , بحكم تكتلها الفكري والثقافي , وتشمل كل مكونات وأطياف ومناطق الوطن الواحد والقومية الواحدة , الذي يعزز حق الانتماء للوطن , وان فقدت هذا الحق , تتحول لكارثة , و مجرد مطية لمشروع سلالي اسري مناطقي او طائفي قذر ,تضر بالوطن ومستقبل أبنائه .

ضعف النخب الفكرية والثقافية والأحزاب , اوجدا فراغا اليوم , امتلئ بتكتلات مناطقية وطائفية , وصار الفرد محمي بها أكثر مما تحميه حقوقه المدنية وانتمائه الوطني الكبير , و يضيع حق فاقدي هذه الانتماءات الصغيرة في ظل هذا الخلل .

أكثر ضياعا اليوم هي المدن , التي تفتقد لقوة حق الانتماء لها جغرافيا , ويتوه أبنائها في البحث عن انتماء يحميهم , حزبي او قبلي , وفي حالة الضعف الحزب الذي نعيشه يذهب بعض أبناء هذه المدن للبحث عن جذوره , كإحتماء مناطقي .
ومن هذه المدن عدن , التي تعاني صراع داخلي حول حق الانتماء , فهناك من يصر على ان حق الانتماء لجيل ما قبل 67م , وما بعد 67 م هي انتماءات مشكوك فيها , وحولها وجهة نظر , ويعرضها لمحاكم تفتيش في مدى المساهمة في ما تعرضت له عدن من جرائم وانتهاكات , أقصت الكادر العدني , وسلبته أملاكه وحياته , ودمرت ارث وتعايش ومدنية عدن .

مثل هولا هم دعاة الفرق والشتات , واضعاف حق الانتماء العدني , الذي جعل عدن مستباحة , إذا احتاجوا للحماية يعودون لجذورهم , ويبقى العدني الفاقد للجذور , والذي لم يعد لديه انتماء غير عدن , هو الضحية , لا قبيلة تحميه , ولا انتماء يصونه , يخرج أبناء عدن للشارع يعبرون عن مأساة واقعهم , ويواجهون نظرات تمتلئ بالشيك والريبة في حق انتمائهم , بسبب هذا الضعف , يصنفهم البعض نازحين , عرب 48 و بقايا السلاطين والمستعمر البغيض , او هنود وصومال , او عرب المحميات , وبقايا نظام البغي لماسي عدن , من تلك التصنيفات العقيمة التي جعلت الهوية العدنية على المحك , وجعلتها هشة لا تحمي بعوضه , و اصبح عدني الانتماء والمولد والهوية فاقد للحماية والحقوق , ضعيف في ظل قوة القبيلة والعشيرة والانتماءات الصغيرة الأخرى .

ولهذا يبحث اليوم أبناء عدن في منتدياتهم ومواقع التواصل الاجتماعي , عن وحدة الصف , والتي لا يمكن ان تتحقق , ودون وحدة الانتماء التي ستجمع كل الشتات العدني حولها .

وحدة الانتماء التي تستدعي تجاوز فكرة ما قبل او بعد 67م ,  و يحاسب كل من أجرم بحق عدن , هوية وارض وانسان , وفق قانون الحق , وهم معروفون كأفراد ومكونات سياسية حكموا حقبة تاريخية من الجنوب اليمني , وتضررت عدن بسبب صراعاتهم البينية , وجعلوا عدن حالبة لتلك الصراعات , وتصفية كوادرها وقامتها , وارثها الثقافي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي والمدني ,الى أن أصبحت على ما هي عليه اليوم , ليواصل احفادهم مسيرة الإنهاك والاستباحة لعدن .

لن تنهض عدن من تحت ركام الخراب , الى بوحدة الانتماء والهوية , حفظ حق المواليد , ورص صفوفهم لخدمة هذه المدينة , لكي تتوقف حجم كرة التراكمات , وتتقلص في دائرتها الضيقة , و نشير بالاتهام للمتهم الحقيقي , وندينه بسجله الإجرامي , واستدلالات محفوظة في ملفات الضحايا , قديما وحديثا , وكل ذوي الضحايا يعرفون المجرمين والقتلة والفاسدين و لصوص الملكية الخاصة والعامة و وتعرفهم عدن , فلا نحميهم بغباء شتات وضعف الانتماء الذي يصنعه البعض , بعلم او بدون علم ليحمي القتلة ومجرمي انتهاكات عدن قديما وحديثا .