مُربي الصف الرابع إبتدائي يُعلـِن عيد ميلاد التلميذ، فـــؤاد أبوبكر  ..

في نهاية السنة الدراسية في الصف الرابع إبتدائي بمدرسة السيلة الإبتدائية في مدينة كريتر، بـ عـَـدن، دخل مُربي الصف، الأستاذ القدير "حَسَـن نورالدين" وقال لنا : -

"بما أننا أنهينا السنة الدراسية الرابعة بنجاح، وبما أن هذا الصف الدراسي لم يُسجـِّل مخالفات تـُذكر خلال مَسيرته الدراسية، قررتُ أنا مُربي الصف أن نـُقيم فعالية ترفيهية في الصف، ونحتفل بعيد ميلاد التلميذ الذي يوافق تاريخ ميلاده يوم غـَد، الموافق ٨ يونيو" ..

بعد مُراجعة الأستاذ "حَسـن"، لتواريخ ميلاد تلاميذ الصف من خلال دفتر سِجل الحضور والغياب للتلاميذ، وجَدَ أن اليوم التالي، 8 يونيو، سيوافق يوم ميلادي أنا "فؤاد أبوبكر حيمد" .. 

في صباح اليوم التالي في المدرسة، دخل الأستاذ "حَسَـن"، الصف وهو يحمل كرتونة بها هدية متواضعة لم تكن ظاهرة للعيان، وضَعها على الطاولة الرئيسية في الصف، وطلب من بعض التلاميذ أن يرافقوه إلى غرفة إدارة المدرسة ليساعدوه في جلبِ صندوقين من شراب الكوكا كولا، وأطباق من الكعك وقطع الحلوى الجاهزة .. 

عاد التلاميد وهُم يحملون صناديق الشراب وأطباق الحلوى، التي قامت بشرائها إدارة النشاطات في المدرسة من ميزانيتها، فأرتـَسَمَت على وجوهنا نحن التلاميذ الفرحة والبَهجة، فقد أحدَثـَت تلك الفعالية فرحتين في نفوسنا نحن التلاميذ. الفرحة الأولى هي مُناسبة إنتهاء السنة الدراسية التي أبلينا فيها نحن التلاميذ بلاءً حسناً من خلال سلوكنا الحسِن وتحصيلنا الجيد للعلوم المدرسية، والفرحة الثانية هي هذه الفعالية البهيجة التي تـَضَمنت مشروبات وكعك وحلوى تـُبهج في العادة نفوس مَن هُم في سِننا في تلك الأيام الخوالي ..

من زملاء صفي الدراسي في ذلك الحين، المهندس/طه عبدالله القربي، والدكتور الطبيب/عزام عبده حسين الأدهل، والمهندس الكيميائي/أحمد عبدالله باسودان، والكابتن طيار/عبدالعزيز بارحيم، وضابط الهجرة المرحوم/عادل عبدالحميد أمان، ودكتور القانون/جعفر عبدالله شوطح، والدبلوماسي/حسين إلفي، والسفير/محمد الماس، والمهندس/حسن الصافي، وصالح باشنفر، وكباتنة فريق التلال/ عزام خليفة، والمرحوم فضل نورجي، والزملاء، عصام زين الحازمي، ومحمد مكاوي، ومحمد بحصو، وفضل منيباري، وفضل بيضاني، وغيرهم كـُثـُر لم تحضرني أسمائهم ..  
  
أفتتح الأستاذ "حَسن" الحفل بكلِمةٍ، شـَكرَ فيها تلاميذ الصف لِسُلوكهم الحـَسِن، وإحرازهم علامات جيدة في العلوم المدرسية، وتمنى للجميع إجازة صيفية سعيدة وسَنة دراسية قادمة تكون أكثر عطاء. بعد ذلك قام الأستاذ من كـُرسيهِ وطلب مِنـِّي أن أجلس على الكـُرسي لِأُلقي كلمة قصيرة بهذه المناسبة .. 

في كلمتي أنا، شـَكرتُ الأستاذ "حَسـن" على حُسْنِ إدارته للصف خلال السنة الدراسية، وعلى نصائحة التي ساعدتنا في إتـِّباعِ سُلوكٍ مُرضٍ، نالَ إستحسان إدارة المدرسة، كما شكرتـُه نيابة عني وعن زملائي التلاميذ لترتيب هذه الفعالية التي أذخلت البهجة في نفوسنا جميعا .. 

خلال الحفل، لـَفَت نظر الأستاذ "حَسـن" ساعة يـَد في مِعصم زميلي الطالب "عادل أمان"، فطلب منه الأستاذ "حَسـن" أن يُسلمها لي أنا، لأرتديها خلال الحفل، وفعلا قام زميلي "عادل" بتلسيمي الساعة .. 

بعدها تم توزيع الشراب والحلوى للجميع، وقام الأستاذ حسن بتسليمي الهدية المتواضعة التي كانت عبارة عن كُرة قدم من البلاستيك متوسطة الحجم .. 

حال أنتهائنا من أكل الحلوى وشُرب الكوكا كولا، طلب الأستاذ من التلاميذ إلقاء كلمات قصيرة، فالقى بعض التلاميذ كلماتٍ شكروا فيها مربي صفنا القدير الأستاذ "حـَسـن نور الدين" علَى حُسن إدارته للصف، وتـَمَنوا لي وللجميع أمنيات سعيدة. وألقى زميلي "عادل أمان" كلمة قصيرة أنهاها قائلا وهو يمزح : "أتمنى من زميلي فــؤاد أن يعيد لي ساعتي. حينها ضحك الجميع لِهذه الأمنية المِزحة، وقـُمتُ أنا بإعادة الساعة إليه شاكرا لهُ لـُطفه، ثم خرجنا جميعا خلال الإستراحة نلعب بالكـُرة الهديــة .. 

في نهاية ذلك اليوم المدرسي، قـُمنا بتوديع مُربي صفنا الأستاذ "حَسـن"، كما قُمنا بتوديع بعضنا بعضاً، كوننا سننتقل جميعا في بداية العام الدراسي القادم إلى المدرسة المتوسطة الواقعة في الخليج الأمامي بمدينة كريتر في عــدن ..

حـَدَث ذالك في أواخر خمسينات القرن الماضي .. ويوضح هذا الحدث رُقـَي تقاليد مجتمع مدينة عــَدن في تلك الأيام الخوالي، والمستوى الثقافي والأدبي لِلمُعلم أيضا والذي أنعكس بدوره على مستوى التربية، والتعليم الجاد، والراقي بتقاليدهِ المُتـَحضِّرة التي واكبت العصر في ذلك الزمن الجميل ..