كل امة قوتها في وحدتها , وضعفها في تفرقها , وبقوله تعالى (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46)

و من تجارب التاريخ تعلمنا ان الاتحاد قوة والتفرقة ضعف , وفي ضعفنا سنجد هزيمتنا فشلنا , ذلنا ,ومهانتنا , سقوطنا و التفريط في حقوقنا و سيادتنا وكرامتنا وعزتنا .

ما بين التفرقة والوحدة , هو فكر و وعي , فقد شعرة معاوية , وتهاوى وسقط في اتهام الآخر , والشك والريبة , وسوء الظن .

لست من دعاة تصنيف الناس , ولا اؤمن باتهامهم بمجرد اختلافهم معي , وعني نهجا ولونا او عرقا وسلالة , تجمعنا أشياء كثيرة , وقد نختلف بمثلها , فلماذا لا نهتم ونركز على ما يوحدنا , ونجعل ما يفرقنا محل حوار مستمر , يجعل من الاختلاف نعمة , لا نقمة .

كنا يمنيين , جنوبيين وشماليين , او حتى مناطق متناثرة , بهويتنا الصغيرة ,بمساحة الأرض التي نعيش فيها , ليس عيبا ان تجمعنا مصالح , نحافظ عليها , وحقوق نطالب فيها , ومشروع وحدة (وطني و قومي)  ,فالعيب ان تتحول تلك المصالح , لتجعل منا خصوم وأعداء , وتعلوا فينا الأنا والانانية , وننسى ان للآخرين حقوق , يجب ان نراها بإنسانيتنا , لنشعر ان لهم ما لنا , وعلينا ما عليهم .

لكي ننتصر لمشروع الامة , يجب ان ننتصر لذاتنا , ننتصر على الانكسارات التي تحاول ان تجعلنا خصوم واعداء , ننتصر على المؤامرات التي تصنفنا مجموعات متناحرة , تكره بعض وتشتم بعض وتلعن بعض , لن يتحقق ذلك الانتصار دون وعي , بأهمية توافقنا على ثوابت الاجماع , الإنسان والأرض والهوية .

اختلافنا الفكري والمنهجي , العقائدي والسياسي , العرقي والسلالي , هي اختلافات بها نرتقي  , نتنافس بنزاهة وشرف وأمانة , حول ما نقدمه من إيجابيات لمشروع الأمة والجماعة , ومن ثم لمشروعنا الوطني , وكلا يقدم نفسه مثالا طيبا  للأخرين يحتذون به , يأخذ ويعطي , يتجدد كلما اكتسب من الاخر شيئا كان ينقصه , ليكتمل بشكل افضل واجمل .

ما سقطت دولة او مدينة او مديرية او محافظة او منطقة وقرية , الا وهم متفرقون , يتهمون ويشتمون ويلعنون بعضهم بعض , وينظرون للمختلف عنهم  , بالفكر والنهج السياسي والعقيدة والمذهب والمنطقة خصم وعدو رجيم , فنسو ما يجمعهم واهتموا بما يفرقهم , و سأت علاقاته، وبرزت تناقضاتهم السلبية , التي تمكن الأعداء من ان يستثمرونها في زرع الفتن , واثارة النعرات , وصب الزيت على نار الصراعات والحروب العبثية , ويكتشفون بعد غفلة زمن أنهم ضحية .

لا حياة في أمة , لا تستطيع ان تصنع فيها رأي عام يدافع عن مصالحها , تعجز على توحيد صفوفها , وتقريب الرؤى , او حتى تحدث تغييرا حقيقيا , وتحولا منشودا , الأمم التي لا تتجدد تشيخ وتعجز وتموت , تبقى مجرد هياكل خاوية , يحركها الأعداء كبيادق في مخطط تدميري .

هرمنا ونحن نحاول , ان نصنع تغيرا , ان نحدث تحولا , نواجه عقليات صلبة , مريضة , مهزومة , لم تنتصر بعد على واقع يصنعه اعدائها  , وعلى أفكار يبثها الأعداء , وعلى محاذير ومخاوف من صنع المؤامرة , لم تنتصر على الانا والانانية , التي لازالت تدير علاقاتها مع الآخرين , تتكبر وتعلو بخواء فكري , ينظر للأخر متهم , ويوزع صكوك الوطنية والشرف والأمانة , وهو لا يملكها , ولله في خلقه شئون .