لقد تأخرت في كتابة هذا المقال ..كنت أريد أن أختبر مشاعري وكيف سيكون وضعي مع هذا الغياب الأبدي . كل من أخبرته عن مشاعري وحزني ، كان يقول لي : سوف تنسين وتعيشين حياتك ، وستبقى تلك المرحلة ذكرى فقط ! وكأن الجميع أتفق على أن النسيان هو امر حتمي ، والبلسم لحزني وألمي ..
  أردت أن اجرب : هل سوف انسى فعلا كمايقولون ؟!!
   بعد التجربة أكتشفت العكس ..
أكتشفت أن الإنسان  إنما يتناسى لكي يعيش ، او يواصل الحياة ولكنه لا ينسى شيئا آلمه ، عزيزا فقده ..
 
بمجرد ما ان تذكر الكائن الذي اوهمت نفسك بنسيانه  حتى تنهار من البكاء ..
كيف أنسى أني كل صباح عندما أستيقظ أسأل والدي اين لولو؟
فيقول لي في المطبخ ينتظرك كي يأكل أو في الشرفة ينظر للعصافير ..كان يحبهم ويحب سماع اصواتهم .
كيف أنسى انني عندما أسافر ،كان يبقى حزينا طوال فترة غيابي ؟
!وعندما اتصل لأراه عن طريق البرامج الإلكترونيةكنت أرى الحزن في عينيه وصوته وكأنه يقول لي :" ماما متى تعودين ؟! "
كيف أنسى غمزته الجميلة لي ؟!
كيف أنسى عندما نعد الطعام ويشم رائحته كان أول من يكون على السفرة  وكأنه يقول أنا أول الحاضرين ؟!!
كيف أنسى نظرته الاخيرة لي ونحن ندفنه وقد كانت عيناه تنظران لي وكأنه يودعني ، والتقط له صورة كي يراها من حولي لأني مهما قلت لهم سيقولون إنك تتوهمين ..
الغريب في الأمر أني وانا التقط له صورة ونحن في المصعد ، كان بؤبؤ عينيه في الوسط ، وعندما نظر إلي اصبحا في الطرف ..كيف ؟!!
كيف أنسى، ، كيف أنسى ..كيف ..والف كيف ؟!!
لقد وضعت صورته في خلفية هاتفي كي أراه في كل وقت أمسك فيه بالهاتف مع انه لايفارقني لحظة ..
لازلت إلى الان عندما اتحدث عنه تسبقني دموعي ..
أشعر بأني  مهما كتبت عنه العمر كله لن اوفيه حقه .
لم يملأ أحد الفراغ الذي تركته في قلبي، ولم يعوض غيابك وجود خمس قطط اخرى في البيت ..
وكأن اول مطلع أغنية لماجدة الرومي يعنيه لاسواه: (محدا بيعبي مطرحك بقلبي...)
 لا أحد يا لولو ...
 لا أحد ..