كنا اربعة.. فتاة يهودية، فلسطيني، زميل من جماعتنا، وانا...
 من السوق اشترينا مايصلح لوجبة غذاء .، وتوجهنا بحمولتنا إلى بيت والد الفتاة ،،،،
استقبلنا الأب مع صديقته التي تقربه في السن. وكانت الفودكاالجامع المشترك بينهما...
 بجانب المدخل مباشرة استوقفتني الأرفف التي تملأها الكتب على طول الممر بين الغرف،،،،،وإلى جانب الكتب الروسية كانت هناك كتب بلغات أخرى..في الأدب والتاريخ والسياسة ومجالات أخرى ..إذن فنحن هنا امام رجل يعشق الكتب وعلى درجة عالية من الثقافة ويتكلم اكثر من لغة..
   أعددت وزميلي الغذاء ، وحاولنا إظهار بعضا من فنون الطبخ التي نعرفها.. وعلى رائحة الطعام صعد نشيد الجوع ،،، ليس هناك ماهو افضل من اللحم والرز في مناسبة كهذه ،،ومن خلال إقبال الجميع عليه بشهية عرفنا اننا وفقنا في إعداده .
تجاذبنا بعض الأحاديث عن القضية الفلسطينية، وابدى اليهودي صاحب البيت تفهما كبيرا لأوضاع الفلسطينيين وأظهر تضامنه معهم بشكل كبير ...
بعد الغذاء..كان هناك برنامج على التلفزيون الروسي عن حصار بيروت وحياة الفلسطينيين في المخيمات تحت عنوان:(لماذا لا تغني فيروز ؟) وكنا نشاهد ونستمع باهتمام شديدين، وكان اكثرنا اهتماما اليهودي ،اما الذي كان يشاهد دون مبالاه فكان اخونا علي الفلسطيني،،،
الامر الذي لم افهمه حينها،،،كانت الكاميرا تجول بين ازقة المخيم مستعرضة ضيق المكان وكثرة الناس والبيوت وهي تعكس البؤس والشقاء الذي يعيشه سكان المخيمات، وبذات الوقت تسرد لنا قصة علي بكل تفاصيلها وكان هو ينظر الى الشاشة دون ان يعلق بشىء فقد كانت الصورة ابلغ من الكلام،  ،،،هنا فقط ادركت أن عليا قد تجاوز كل التأثيرات السيئة لحياة الفقر والبؤس والعوز، بل انها هي التي قوته وصلبت عوده واظهرته كما اراه الآن شاباقويا مكافحا طموحا
،،،،،ثم ان عليا كغيره من الفلسطينيين الذين كابدوا وعانوا القهر والظلم ومشاهدة الفظائع طوال عقود لم تعد تثيره مشاهد تعرض على الشاشة الصغيره. فحياة الفلسطيني وواقع حياته افظع بما لايقاس، وهذا الذي اعتقدناه لا مبالاة لدى اخينا علي انما هو نوع من انواع المقاومة يستعين بها الفلسطيني في مواجهة مصاعب الحياة. ،،،،، 
  موسكو 1982م