حل ايلول وبحلوله تذكرت الألعاب الأوليمبية في ميونيخ مطلع السبعينات من القرن الماضي وماشابها من احداث عرفت بأيلول الأسود فيما بعد ،،،،
كانت هناك فترة في عمر الثورة الفلسطينية شعر فيها الفلسطينيون انهم بحاجة لإحداث هزة إعلامية عالمية لنشر قضيتهم،وكسب المزيد من الأنصار والمؤيدين والمتضامنين معهم ولفت الأنظار لثورة الشعب الفلسطيني ومعاناة الفلسطينيين فأتت عملية ميونيخ ضد الفريق الاسرائيلي المشارك في الأوليمبياد في هذا الإطار والتي نفذتها "منظمة ايلول الأسود" ، وكانت المنظمة قد اختارت اسمها من احداث ايلول الأسود التي تعرض لها الفلسطينيون في الأردن، لكن النتائج أتت عكس ماكان يرجى منها،،،،،
وأتت عمليات خطف الطائرات المدنية من قبل الإخوة الفلسطينيين لنفس السبب لتحقيق فتح إعلامي لصالح الثورة والقضية لكن النتائج كانت سلبية ومخيبة للآمال،،،،
  كان لعملية ميونيخ وعمليات خطف الطيران المدني ارتدادات خطيرة على الثورة الفلسطينية وسمعتها فقد كان لها انصار وداعمين في كل العالم وكادت ان تخسر بعضهم،،،،
  نُظر لعملية ميونيخ ضد الفريق الاسرائيلي بأنها عملية ضد السلام بما ان الألعاب الاوليمبيةتعد ملتقى للسلام ،،،وسادت حالة من الكراهية ضد الفلسطينيين خصوصاً وبقية العرب عموماً، وحصلنا حينها على لقب ايلول الأسود والإرهابيين المعادين للسلام في العالم،،،،
ونُظر لعملية خطف الطائرات بأنها تعريض لحياة المدنيين للخطر. وهي كذلك بكل تأكيد أكنا ندرك ذلك حينها ام لا فذاك شأن آخر ،وبهذا ساعدنا الآخرين ان ينعتوننا بالإرهاب وصار الإرهاب لصيقاً بكل فلسطيني وفجأة وجدنا انفسنا ارهابيين فلسطينيين وعربا!!
  بعد وقت قصير من احداث ايلول كنت في المانيا وقد كان لي فيها كثير من الأصدقاء وقد تعرضت كغيري  لبعض المضايقات عندما كان البعض يلقبنا بايلول الأسود اوينادوننا هكذا بمجرد رؤية البعض لنا وتأكدهم من اننا عرب،،،،
  كنت أسكن في مدينة لايبزيج الجميلة الطيبة اهلها والتي تشتهر بجامعتها التي يؤمها سنويا الكثير من طلاب العالم ومعرضها التجاري الدولي الذي تشارك فيه دول كثيرة من كل انحاء العالم، ، ،،،كما توجد بلايبزج كل مظاهر الحياة الثقافية والترفيهية من دار للاوبرا ودور للسينماومسارح ومتاحف ومقاهٍ ومطاعم وصالات للرقص وكذا الساحات الجميلة والمساحات الخضراء والمزارات التاريخية وماإلى ذلك،،،  
  
           ******

  صحونا على صباح منعش ودافىء ومشمس جمع بين نهاية الربيع وبداية الصيف وكنا قد تخففنا من ثياب الشتاء مع ارتفاع درجات الحرارة تدريجيا وبدأت الثلوج في الذوبان،،،، ،
هذا الجو الخرافي يغري بقضاء عطلة اكثر من ممتعة لنهاية الاسبوع، ،،،
كنت قد فرغت من تناول وجبة الإفطار وشربت شايا عدنيا بالحليب بخلطتي السرية الخاصة وقد نال زميلي في الغرفة إدواردو كولوما القيادي في جبهة تحرير فريليمو قدرا كافيا منه،،،،،السيدكولوما اصبح فيما بعد نائباً لوزير خارجية موزامبيق، ،،،،
  لم احزم امري بعد ان كنت سأخرج في نزهة طويلة للتمتع بنعم الله والطبيعة الجميلة والخلابة فهذا وقت لايفوت، وفجأة ظهر الاخ نبيل الفلسطيني الذي كان بيني وبينه موعدا في المساء واستغربت انه جاء باكرا وكان بشوشا وليس عليه آثار نوم ما يعني انه استيقظ  باكراً...
 - ارتد ملابسك فلك عندي مفاجأة،،،،
كنت قد ارتديت ملابسي فعلا قبل ان يأتي ، فوضعت "جاكتة" على كتفي وخرجنا معا متوجهين الى سكنه القريب، وعندما وصلنا تركني ادخل الغرفة قبله وبمجرد دخولي فوجئت بوجود فتاةشابة وجهها مألوف لي، ولدهشتي وجدت نفسي اصيح بدون وعي بصوت عال:  - ليلى، ،،،انت ليلى .. 
واختلطت اصواتنا فكانت هي تسأل: 
 - انت تعرفني؟من اين تعرفني؟  وكان نبيل يسأل هو الآخر ولا احد يردعليه. ،،،قلت لها بصوت يغلب عليه التأثر: 
 - ومن لا يعرفك فأنت ليلى خالد ؟؟كيف لا اعرفك وقد تصدرت اخبارك عناوين الأخبار..وملأت صورك صحف العالم ومحطات التلفزة العالمية تتسابق على نشر صورك واخبارك ؟!
  كانت الجلسة مع المناضلة الفلسطينية المنتمية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين شيقة وممتعة ومفيدة،،،،وعادة تبدأ الأحاديث بين الناس بالمجاملات والأحاديث العامة قبل الإنتقال لحديث السياسة،،،،
  وضع الاخ نبيل امامنا طبقا من الفاكهة وبعض البسكويت واكوابا من القهوة ودار حديث بيننا عن الأوضاع العربية واوضاع المقاومة الفلسطينية بشكل عام وامور اخرى،،،وكان يشغل بالي موضوع خطف الطائرات بأعتبارها اشهر من قام بهذه العمليات من منظار تأثير مثل هذه العمليات على الرأي العام والخطر الذي شكلته على حياة المسافرين الآمنين الذين لا علاقة لهم بقضيتنا والذين قد يكون بينهم من يتضامن مع قضيتنا ويساندنا ويدعم نضالنا ،،،
 كانت ليلى خالد تتكلم بهدوء وثقة وكانت تتمتع بشخصية قوية، وعن موضوع خطف الطائرات كان تعليقها مقتضبا مركزا وذكيا اذ انها قالت: صحيح اننا في الجبهة الشعبية اول من قام بهذه العمليات لكننا عندما اكتشفنا ضررها ومردودها السلبي على نضالنا توقفنا عن ذلك نهائيا لكن اخوتنا الآخرين استمروا في ذلك,مع إبتسامة صاحبت هذه الجملة الأخيرة  ،،وهي عندما كانت تتحدث لم تكن متجهمة ابدا بل كانت منطلقة الأسارير. وهي تتكلم ببساطة وقوة منطق وحجة، حتى انها كانت تطلق نكتة هنا وقفشة هناك بما يقتضيه الحديث المتداول. ،،،وكل ذلك يشعرك الى اي مدى هي شجاعة وجسورةومستعدة للدفاع عن قضيتها حتى النهاية، ،، ،وكانت لي فرصةلم تتكرر بأن احظى بهذا اللقاء، ،،،
  * ليلى خالد تعيش حاليا في الاردن،،،،