لايمكنني تصور المكلا بدون البحر ..مامن مكان ساحر يمكن أن يسحر المرء مثلما يسحره بحر المكلا ..فهو الذي يجعلها عروس بحر العرب .. ولازال بحر حبي فيها غزيرا ولااريده ان ينضب، فذاك مهر عروستي لما تحتويه من فتنة واسرار ...
  ولايمكنني تذكر المكلا بدون أصدقاء ..أنظر إليهم عبر مسافة تمتد آلاف الكيلومترات ..لطالما كنت اقول ان المدن ليست الحجارة والطوب..المدن هي الناس الذين يعطون للمدن والبيوت الحياة والألق والدفء والمشاعر الإنسانية ..فكيف إذا كانوا أصدقاء ؟
قدمت لي المكلا أصدقاء رائعين على مستوى من الثقافة
والجمال والإبداع والذكاء والموهبة .. وانا بطبعي احب هذا النوع من الأصدقاء .. عمر محفوظ باني واحد من هؤلاء .. تعرفت عليه خلال زيارة مدرسية قام بها مع مدرسته إلى بلدتنا الديس الشرقية في بداية ستينيات القرن العشرين . كان يضع نظارة طبية ، لكن خلفها كانت تشع عينان ذكيتان ، ومن مراسلاتي معه اكتشفت انه يمتلك ذكاءا حادا وموهبة في الكتابة... للأسف فقدت تلك المراسلات ..
                            (2)
  دخلت المكلا وانا لا أعرف أحدا وخرجت بصديق رائع..
    .. علي غداف ، بنى عالما من الألوان .. وهو مؤسس ذلك العالم بدون منافس ، ولد في المكلا سنة 1947م 
درس المرحلة الإعدادية بوسطى الغيل والثانوية في كلية عدن ، خريج أكاديمية الفنون العليا في بودابست - المجر ..
   تعرفت إليه في المكلا عن طريق زميل دراستي في المعهد الديني ابن غيل باوزير صديق العمر علوي سالم باعلوي، وقد كتبت عن ظروف ذلك في مناسبات سابقة ولا اجد ضرورة لتكرارها هنا ..
  استضافنا في بيته .. شقته واسعة تدل على ذوق مرهف وبسيط ، تعج بالألوان والموسيقى ..دقائق وكنا أصدقاء ...
  بدأ علي غداف يمارس هوايته في الرسم من المكلا ، واكتسب شهرة فيها كفنان تشكيلي قبل ان ينطلق إلى عدن ومنها إلى بلاد عربيةمنها العراق حيث وجد نصفه الآخر السيدة جنان الجنابي التي التقاها في معرض بهنغاريا وتزوج منها وانجبت له ولديه اوسان ومعتز  .. شملت معارضه الكويت والإمارات ، وقطر، والبحرين ، ودرسدن ، وواشنطن، وبودابست ، وموسكو وبلدان أخرى، وشارك في معارض عالمية واقتنت لوحاته فنادق وشخصيات عربية وعالمية، وللأسف لا يوجد له معرض دائم في بلدته ومسقط رأسه المكلا ، ولافي عدن حيث عاش سنوات طويلة وصمم النصب التذكاري لشهداء 14 اكتوبر في ردفان . كما قدم برامج في إذاعة وتلفزيون عدن ، واهدى مكتبته الموسيقية لإذاعة المكلا التي كان من أوائل من عملوا فيها . 
نشأت علاقات اسرية بين أسرتينا في عدن، واهدتني زوجته الفنانة التشكيلية لوحة لاتزال تزين جدار بيتنا في المعلا ..
ثم حملته جمال الهجرة فأقام في بغداد فترة وفي الكويت فترة ،واستقر به الحال اخيرا في هولندا حيث اكتسب الجنسية الهولندية مع ولفه قبل ان تغادر هذه الدنيا ، ويلحق بها إلى العالم الآخر .
  في السنوات الأخيرة ، كنا على إتصال دائم عبر الشبكة العنكبوتية ، وكان يستعد لإطلاق مشروع كبير في إكسبو دبي عنوانه ( فارس الخيل وشاعر العاديات )وكتبت "البروشور " الخاص بالمشروع بطلب شخصي منه ...
 لوحات علي غداف عالم من الألوان الموشاة بقلائد الفضة التي اشتهرت بصوغها حضرموت .. ويغرف   
موضوعاته من تلك العوالم التي تجمع بين الإصالة والمعاصرة ،" وفي مشروعه الاخير فارس الخيل وشاعر العاديات ، قصة بل ملحمة عشق بين الفرس والفارس يجسدها الفنان علي غداف في سفره الجديد هذا ، استكمالا لمشروعه الذي اشتغل عليه منذ سنوات تعود إلى نهايات القرن العشرين الماضي ، تتبع خلالها اصول الخيل العربي ، وماقاله الشعراء العرب فيها ، وموقعه المتميز في الشعر العربي ، ومن كل هذا صاغ مشروعه وادخل الشعر في لوحاته التي ضمت اكثر من سبعين لوحة من الحجم الكبير ، بمقاس 150 × 150 سم و 200× 150 سم ، ويختتمها بمشروعه الجديد هذا ". 
   في المكلا تعرفت على والد علي غداف العم عوض عبيد غداف وعلى ابن عمه عبدالله وابحرت معه إلى عدن على ظهر باخرة اختصرت الرحلة في زمن قصير، لكن بصراحة افتقدت فيها لذة السفر على السفن الشراعية التي كنت تعودت عليها في رحلاتي السابقة ...
 الهيكل الخشبي ، الدقل ، الحبال الكثيرة المتدلية، الصواري، الشراع ، رائحة الصيفة، اصوات البحارة وهم يشدون الحبال وينشدون المواويل البحرية ( الهيل  مالي ) تقاليد البحر والبحارة .. ونحن نبحر على ظهر تلك الباخرة كنت أشعر بأنني ابحر داخل قطعة من الحديد نحن الأرواح فيها .....
                                                          
                              (3)
  
 محمد عبد القادر بامطرف مؤرخ وباحث من القلائل المستجيبين لتطورات الفكر المعاصر ،، ومن افذاذ الكتاب الذين ينهجون نهج التحقيق والتحليل في الكتابة كما وصفه مجايله عبدالرحمن الملاحي ..وكنت قرأت له توا كتابيه الصادرين قبل تعرفي إليه ( الشهداء السبعة ) عن مقاومة ابناء الشحر للغزو البرتغالي سنة 1523 للميلاد ، و( وفي سبيل الحكم )  . كما لبامطرف كتب أخرى في التاريخ الحضرمي منها المعلم عبدالحق ، المختصر في تاريخ حضرموت العام ، الجامع  ، الرفيق النافع في منظومتى الملاح باطايع وغيرها ، ويعتبر مرجعا موثوقا وحجة في مجاله. كما له مؤلفات أخرى في القصة والمسرح والنقد الأدبي.وانجز كتابين عن الشاعرين الغنائيين الكبيرين حسين المحضار وصالح عبدالرحمن المفلحي .
  كيف أكون في المكلا ولاازور استاذنا البامطرف ؟  قلت لنفسي ، اتصلت به،رحب بي وحدد لي موعدا للقاء ،وقدرت انه وجد وقتا لي برغم مشاغله الكثيرة..
 قريبا من بيته الذي وصف لي عنوانه بالتلفون ، سألت اطفالا يلعبون : 
 - فين بيت الأستاذ محمد بامطرف ؟
 - مين ؟ ابو قضة !!
  وأشار إلى مبنى من عدة ادوار :
   - هناك ...
   لم استغرب ، فقد كانوا في أوربا يعتبرون من يشتغل بالفلسفة ساحرا ، فكيف لايعتبرون من يشتغل في الفكر مجنونا في المكلا ، او( ابو قضة ) بتعبير ذلك الطفل الذي حتما سمعه من الكبار  ..
   لم أخبر الأستاذ كيف استدليت على بيته ، ولا بما وصفه الطفل الذي دلني عليه ، حتما كان يعرف ، وربما سمعه كثيرا ولم يهتم بذلك بل واصل طريقه في البحث والتاريخ والمعرفة ..
  استقبلني بتواضع العلماء ، وببساطة معروفة عن الحضارم مهما بلغوا من شأو ومكانة ، واجريت معه حديثا لصحيفة ( 14 اكتوبر) اليومية الصادرة في عدن ، واذكر انني سألته ضمن أسئلة أخرى عن الأهمية "التاريخية" لحصن الغويزي ،، وكان الحصن اكتسب حينها وفيما بعد شهرة كمعلم من معالم المكلا وحضرموت ، لكنه فأجاني بجوابه بأن حصن الغويزي ليس له اية أهمية تاريخية ولاحتى أثرية، وليس سوى حصن شراح لحراسة المزارع في ديس المكلا التي كانت عبارة عن منطقة كثيفة الأشجار قبل ان يلتهمها الزحف العمراني وتصبح واحدة من أحياء المكلا الحديثة .وعندما سألته عن سبب كل هذا الإهتمام بالغويزي ضحك وقال ؛ فقط لأنه يقع فوق جرف او نتوء صخري ..وهذه كل القصة ، استهوى المصورين وجعلوا منه أعجوبة ! وأضاف: من الناحية التاريخية فإن حصن خازوق له أهميةتاريخية بما لايقاس إذ شهد احداثا حربية كبيرة في الماضي واستشهد ببيت الشعر  : ( على خازوق  باروتنا بيت وظلا.. .نفقناالبضاعة.وسلمنا المكلا )..ويبدو ان الخازوق اندثر ولم يعد له من وجود ولاحتى ذكر نتيجة الإهمال وعدم الصيانة والترميم بينما يقف حصن الغويزي صامدا وحارسا عند المدخل  الشمالي الشرقي لمدينةالمكلا وتتصدر صوره قائمة المناظر السياحية في المكلا وحضرموت ..
                                (4)
 سعيد محمد دحي .. لم يستنفذ الشعر إمكانياته منذ امريء القيس ولكنه بالتأكيد طور ادواته حتى يتحاشى التكرار او القوالب الجامدة ......جاء سعيد متميزا تميز الشعراء الكبار في العربية الحديثة، كصلاح عبد الصبور وخليل حاوي، يقول كما يقولون وليس بما يقولون»  هكذا قال عنه د.عبد الله البار، ناقد وأستاذ الأدب في جامعة صنعاء. أما الناقد د. سعيد الجريري فيصف «سعيد دحي بأنه من أولئك، منذ امرئ القيس جده الحضرمي القديم الذي بكى صاحبه لما رأى الدرب دونه، فقال: نحاول ملكا أو نموت فنعذرا....»
  عرفت سعيد دحي في عدن حين كان طالبا من اوائل  الطلبة الذين درسوا بكلية التربية العليا نواة جامعة عدن التي تأسست سنة 1970م  قادما من المكلا ،وبعد اربع سنوات نال درجة البكالوريوس في اللغةالإنجليزية وآدابها، وهذا سيتيح له فيما بعد بالإضافة إلى دراسته الثانوية في السودان ترجمة كتاب المستشرق البريطاني سار جنت ( نثر وشعر من حضرموت ) وكنت اتتبع نشاطه الادبي حيث عمل في نفس الوقت مع زملاء آخرين بالكلية على تأسيس جمعية بلقيس الأدبية التي استوعبت الطاقات الشابة المبدعة التي أثرت وتأثرت وحظيت برعاية وتوجيه الأديب والشاعر السوداني د. تاج السر الحسن، الأستاذ بالكلية ، وكان الشعر حاضرا فيها بقوة وكذلك سعيد دحي الذي كرس نفسه شاعرا  صاحب بصمة خاصة منذ ذلك الوقت .وكانت السبعينيات من القرن الماضي سنوات بروز كوكبة من الشعراء الشباب الذين بدأوا كبارا امثال شوقي شفيق ، محمد حسين هيثم ، محمد حسين الجحوشي ، سعيد البطاطي ، محمد ناصر شراء ،  وبالتأكيد كان سعيد محمد دحي واحدا من هؤلاء الذين ولدوا كبارا ..."كنا ذؤابات سحابة، مرت على المكلا أو ميسان، ونسينا، بعد ذلك أين أمطرت. ولكن..هل أمطرت فعلا؟! جمعة اللامي - شاعر وكاتب عراقي . اشتغل سعيد في إذاعة المكلا ، وفي صحيفة الاتحاد الإماراتية،  وفي مجلة الدفاع الخليجي ، وفي الترجمة ، لكن ظل مسكونا بالشعر ، فشعره وحده يخلده اكثر من اي عمل آخر بعشرات المرات ..الشعر هو القيثارة الخالدة التي لاتموت .....
                           (5)
  عبدالعزيز بن ثعلب .. لسنوات ظللنا صديقين دون ان يرى أحدنا الآخر .. كنت مدير تحرير صحيفة 14 اكتوبر
اليومية الصادرة في عدن ، وكان مراسلها في المكلا ..  
اول ماشدني إليه إسمه الذي يذيل به كتاباته ( عزيز الثعالبي )  وقد اتخذ من ذلك المناضل والكاتب التونسي الذي كرس حياته لتحرير تونس من الاستعمار الفرنسي والدفاع عن قضايا الأمة قدوة له ، واسما يوقع به مقالاته وكتاباته اشتهر به اكثر من اسمه الحقيقي.
 كانت رسائل عبدالعزيز تصلنا بانتظام ، فقد كان الإلتزام من أهم ماكان يميزه ، رغم انه لم تكن في تلك السنوات من سبعينيات القرن الماضي وسيلة اتصال حديثة مثل "الفاكس " أو" النت " كما هو الحال اليوم ، وكانت رسائله كمراسل تشمل شتى الموضوعات والأحداث السياسية والثقافية والرياضية التي تجري في المكلا وحضرموت ، وفي كل ماكتب كان الصحافي الذي يتوخى الدقة،ويبحث عن الحقيقة ، ويلاحق الأحداث ، يزود قراءه بكل جديد من مصادرها الموثوقة. وفوق الموهبة كان يملك حاسة الصحافي والشهادة والخبرة  .. احب عبد العزيز بن ثعلب الكتابة إلى حدالعشق ..واتخذ منها ليس مهنة ، بل وسيلة للتعبير عن خلجات نفسه وروحه الشفافة ..وقد كان ينقد ولايجرح . ولد في المكلا سنة 1945م .حائز على دبلوم الصحافة ، من اوائل محرري الصفحات الثقافية والرياضية في حضرموت ومعد البرامج الرياضية .
  ذات ظهيرة دخل مكتبي شاب اسمر قصير يلبس فوطة وقميصا ونعلا  ،سلم علي بحرارة وقال لي :
   - ماعرفتني  ..؟ 
     ولما رأى الحيرة على وجهي قال :
    وراك يامحمد ...أنا مراسلكم في حضرموت ..
   - عزيز الثعالبي ..
   - عبدالعزيز بن ثعلب .. 
   - بن ثعلب  !!
  قلتها همسا ، ولا ادري كيف سمعني إذ أجاب مبتسما :
   - ..الثعالبي اسم شهرة ..
نهضت وعانقته بحرارة ..كانت هذه المرة الأولى التي نلتقي فيها وجها لوجه .. والمرة الأولى التي اعرف فيها اسمه الحقيقي .. لم يكن ذلك الشخص الذي تصورته،  كان شابا في مقتبل العمر لايكبرني إلا بضع سنين .. ...
  في السنوات اللاحقة تعمقت علاقتي بعبد العزيز الإنسان ..اعجبت بشخصيته وثقافته وتواضعه وذاكرته  وذكائه ..ذلك الذكاء الذي جعله بمنأى عن كل الصراعات والخصومات على كثرماعاش الكثير منها وعاشته البلاد طوال اكثر من نصف قرن ،فصاحب القلم الحروالمشتغل بالكلمة لايسلم من الخصوم ومن الأذية .ولاشك ان تلك المسيرة الطويلة كان فيها العديد مما هو مؤلم ، والعديد مما هو محزن ، لكنه استطاع تجاوزها جميعا ..   
 قليلة جدا كانت الأوقات التي التقينا فيها ،لكن عبد العزيز ترك في نفسي أثرا عميقا..كان من معدن الأصدقاء الذين لاينسون بسهولة ..وترك لنا تراثا من المقالات المكتوبة ، وانجز كتابين عن رائد المسرح الحضرمي سالم عبداللاه ،ورائدالأغنية الحضرمية محمد جمعة خان ، ووثق للحركة الرياضية بكتابه تاريخ الحركة الرياضية  في محافظة حضرموت ، وربما ترك  مخطوطات لم تنشر فقد عاش وعاصر فترة من تاريخ حضرموت والجنوب والوطن العربي كان شاهدا عليها ، ولم يكن بوسع صاحب ضمير حي ، وروح شفيفة ان يتجنب الكتابة عنها وقول رأيه فيها ...


                               (6)

  لست ادري كيف كانت ستمضي حياتنا بدون اصدقاء  ..لكل عمر من اعمارنا اصدقاؤه، الطفولة ، المدرسة ، العمل ، الشباب ، الرجولة ، الكهولة.. بعض الصداقات تكون قصيرة ، مرحلية، مؤقتة ، وبعضهانفعية ، سرعان ماتنتهي ..وبعضها تصمد امام المصاعب والمحن واختبارات الزمن وتستمر حتى آخر العمر ... 
   في نهاية الستينيات من القرن العشرين الماضي تعرفت بأصدقاء  جدد في عدن  من المكلا . كانت الفرقة الموسيقية السلطانية للسلطان القعيطي قد انتقلت بكامل قوامها من المكلا إلى عدن عشية إستقلال الجنوب في 30 نوفمبر 1967م ، وسكنت في معسكر " ليك لاين " في الشيخ عثمان الذي أطلق عليه معسكر عبد القوي ، احد شهداء ثورة 14اكتوبر، وشاءت الصدفة ان سكنت في نفس الفترة مع ابي الذي استلم تشغيل ( كانتين ) المعسكر ، وكان أعضاء الفرقة  من زبائنه يشترون حاجاتهم منه بالآجل حيث تعرفت عليهم . كان يرأس الفرقة الموسيقية الفنان عبدالقادر جمعة خان شقيق الفنان الكبير محمد جمعة خان ، ومن اعضائها الأخوين الفنان ابوبكر التوي وصالح التوي ، و العبد صالح باقطيان ، ومبارك باقطيان، وسالم الرباكي ، وعبدالله الرعدي،  وعلوي الشاطري وآخرين. وقد كونت علاقة صداقة مائزة مع العديد منهم خاصة الشقيقين ابوبكر وصالح التوي و علوي الشاطري وعبدالله الرعدي كان أقربهم لي . واحتفظ بذكريات عزيزة عن تلك الصداقات والسنوات ، كما استمتعت بعزفهم المتقن لمقطوعات عربية وعالمية ، وهم عازفون على درجة عالية من المهارة . 
                                 (6)
وحتى عندما كنت صغيرا اقمت الكثير من الصداقات مع اتراب في عمري ، اشتاق إلى أصدقائي من ذلك الزمن البعيد ..كانت تعبر عن طفولتنا ، وبراءتنا، وشقاوتنا ، زمن نشتاق له ولانستطيع العودة إليه ...
  لم تبق لنا منه إلا الذكرى والذكريات ..
 وكنا وأصدقائي الصغار عندما نرى البحر  لانطيق ملابسنا فننطلق إليه بصخب وفرح و.......!
 أسوأ مافي حياتنا غياب الأصدقاء .. يمنحنا البحر في لحظة ما بعض التعويض وليس كله إذا أحسنا الإنصات إلى ثرثرته ...فصوت البحر ومايقوله يشكل كياننا الداخلي .  
يوما ماقد نلتقي هناك باصدقائنا من زمن الطفولة في ساحل البحر ...

           ( ولمدن البحر بقية )