انطلق بسيارته من منطقة دار سعد متوجهاالى وسط شارع مدرم.. ثمة غاية تدفعه الى  هناك ..كان يخرج يده من زجاج النافذة ويلوح بها لكائنات تعبر وعيه.. والى وجوه اسحقتها سنوات الغياب.. وفي الطريق الطويلة الممتدة من الشيخ عثمان الى عدن كان يسر في نفسه بامنيته الوحيدة.
 تبدو النظارة الطبية الكبيرة تحجب نصف وجهه ويخيل للناظر اليه انه شخص مسن.. مع انه في العقد الرابع فقط.. لكن الوجع والحزن والضغوطات تركت على ملامحه  آثار سيئة.. فبدأ ظهره المحدودب القصير  مثل تلة صغيرة يثب من فوقها الزمن.. ويبدو من ملبسه انه لايحتفي باهمية تناسق الالوان فبنطاله اصفر قياسا بقميصه الازرق الباحر ولون عينيه البنيين لايتناسب مع لون نظارته البيضاء وحذاؤه الاسود لاينسجم مع لون ساعته ولاشعره الاكرت. بيد انه يحمل بين جنبيه روحا وقلبا عاشقا وهو مايفتأ طوال الطريق يدندن( بياطائرة طيري على بندر عدن..)
اقتربت سيارته الجديدة الاوربية التي اشتراها من احدى معارض مدينة الشحر من وسط شارع مدرم وقد استبد به الشجن حين صافحت عيناه العمارات الاسمنتية الشاهقة وبدأت طيوف الماضي تصطف على جانبي الطريق وطفق يعد العمارات واحدة واحدة من جهة اليمين حتى وقف على العمارة الخامسة وقد غمره فرح عظيم وتساءل :هل ماتزال شميم الفتاة الهندية الاصل هنا???البيت هو البيت الشرفات هي الشرفات اللون هو اللون شميم فقط هل هي لم تزل( شميم)???
وإذ ذاك كان يترجل من السيارة صوب امنيته تلك، ولما تزل ياطاىرة طيري تستحوذ على اعجابه، وتخلق منه ذلك الكائن الولهان، بيد أن الزمن لم يعد ذلك الزمن، وعدن لم تعد عدن، نظر يمينا فرأى لافتة ممنوع العبور ، ورأى مظاهر التسلح على مداخل الشوارع ،لقد اختفى الحب خلف سحب البارود، وغابت شميم، ولم يبق الا رسمها في قلبه.