غَانِيَّة وَكَاسٍ وَخَمْر
عن محمد نجيب الظراسي
محمد نجيب الظراسي كاتب صحفي حر لاينتمي لأي تيار سياسي ولاتجذبه أيآ من كل تلك المسميات الرنانة ماعدا شيئ واحد هو تلك الكلمة الساخرة التي يفرزها واقعنا المؤلم الذي نعيشة بإستمرار إنها منطقتي التي أجد فيها الأنا .
حَلَمْتُ ذَاتُ لَيْلَةٍ حُلْمًا بَشِعًا جَمِيلاً فِيهِ اَلْكَثِيرُ مِنْ اَلسُّلْطَةِ اَلْمُطْلَقَةِ وَالْبَطْشِ وَالْجَبَرُوتِ وَالثَّرْوَةِ اَلطَّائِلَةِ وَالْبَذَخِ وَاللَّيَالِي اَلْحَمْرَاءِ اَلْمَاجِنَةِ (وَأَتَمَنَّى بِأَنَّ لَا يَتَحَقَّقُ بِإِذْنِ اَللَّهِ أَبَدًا) خُلَاصَتَهُ أَنِّي أَصْبَحَتْ رَئِيسًا لِجُمْهُورِيَّةِ مَا مِنْ دُوَلِ اَلْعَالَمِ اَلثَّالِثِ طَبْعًا ، وَكَانَ يَتَوَجَّبُ عَلَى أَنْ أَلْقَى خِطَابًا وَطَنِي فِي إِحْدَى اَلْمُنَاسَبَاتِ اَلْوَطَنِيَّةِ اَلْبِلَاسْتِيكِيَّةِ اَلْهَشَّةِ وَكَانَ مَكْتَبِي اَلرِّئَاسِيُّ يُجْهِزُ بِحَرَارَةٍ لِهَذَا اَلْخِطَابِ (مِنْ بَابِ اَلْعِشْقِ لِلتَّطْبِيلِ وَعِبَادَتِنَا اَلْمُسْتَمِرَّةِ لِهَذَا اَلْمَشَخَصَاتِي وَاَلَّذِي نُحَاوِل إِظْهَارُهُ بِصُورَةٍ فَجَّةٍ تَصَوُّرُهُ بِصَانِعٍ اَلْمُسْتَحِيلِ اَلَّذِي سَيُجَنِّبُنَا شُرُوقُ اَلشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا) وَتَتَعَالَى اَلْأَصْوَاتُ بَيْنَ مُوَافِقٍ وَمُعَارِضٍ عَلَى بَعْضِ نُصُوصِ هَذَا اَلْخِطَابِ وَفَقَرَاتِهِ بَيْنَمَا أَنَا كُنْتُ هَادِئًا جِدًّا وَجَلَّ تَرْكِيزِي يَتَمَحْوَرُ حَوْلٌ ذَلِكَ اَلصَّدْرِ اَلْمُكْتَنِزِ وَصَاحِبَتِهِ اَلَّتِي تَجْلِسُ فِي رُكْنِ تِلْكَ اَلْغُرْفَةِ (عِلَّتِي تُلَاحِقُنِي حَتَّى فِي اَلْحُلْمِ ، عِشْقُ اَلنُّهُودِ سِحْر لَا يَفْنَى) بَيْنَمَا اِسْتَغْرَبَ اَلْجَمِيعَ مِنْ بُرُودِي اَلْمُرِيبِ وَالْمُثِيرِ لِلْقَلَقِ فَقُلْتَ لَهُمْ لَا تَقْلَقُوا أَنَّهَا لُعْبَتِي اَلَّتِي تَمَرَّسَتْ عَلَيْهَا جَيِّدًا مُنْذُ أَنْ وَقَعَ اَلِاخْتِيَارُ عَلِي لِأَمْثَلَ دَوْرِيٍّ وَصَدَحَتْ لَهُمْ بِهَذِهِ اَلْأَبْيَاتِ صَدَّاحًا كَالدِّيكِ حِين يَصِيحُ فَجْرَ كُلِّ صَبَاحٍ ، وَفِي أَغْلَبِ اَلْأَحْيَانِ لَا يَعْرِفُ لِمَا يَصِيحُ مِنْ اَلْأَسَاسِ :
نَصٌّ : غَانِيَّة وَكَاسٍ وَخَمْر
إعْطُونِي غَانِيَّةَ وَكَاسٍ وَخَمْر
وَأَنَا أَعِدُكُمْ
أَنْ أُبَرِّرَ لِفَشَلِ كُلِّ تِلْكَ اَلْوُعُودِ
اَلَّتِي أَطْلَقَتْهَا فِي سَاعَةِ سُكَّرٌ وَنَشْوَى
أَلْفَ أَلْفِ عُذْرِ
إعْطُونِي غَانِيَّةَ وَكَاسٍ وَخَمْر
بِبَسَاطَةِ
أَقْنَعَ شَعْبِيٌّ اَلْمَخْدُوعِ بِالْوِرَاثَةِ
بِأَنَّ اَلْكَذِبَ
بِأَنَّ اَلزَّيْفَ
بِأَنَّ اَلدَّجْلَ وَالشَّعُودَة
يُعْتَبَر فِي عِلْمِ اَلسِّيَاسَةِ
أُسْلُوبًا فَرِيدًا وَرَاقِيًا لِلنَّصْرِ
إعْطُونِي غَانِيَّةَ وَكَاسٍ وَخَمْر
دِرَامِيًّا أَحْوَل لَكُمْ اَلْمَأْسَاةِ اَلَّتِي يَعِيشُونَهَا نِضَالاً
وَافَرْمَلْ أَحْلَامُهُمْ اَلَّتِي يَطْمَحُوا لِتَحْقِيقِهَا
بَلْ سَيُصَفِّقُونَ لِي بِحَرَارَةٍ
وَهُمْ مُقْتَنِعُونَ
إنَّ تَحْقِيقَ اَلْأَهْدَافِ اَلْاِسْتِرَاتِيجِيَّةِ اَلْمَرْجُوَّةِ
يَتَحَتَّمُ عَلَيْهِمْ لِتَحْقِيقِهَا
اَلْعَيْشَ طَوِيلاً فِي جَوٍّ
يَسُودُهُ اَلْإِمْلَاقُ وَالْفَقْرُ
إعْطُونِي غَانِيَّةَ وَكَاسٍ وَخَمْر
لَا أُرِيدُ خِطَابًا مَطْبُوعًا مُنَمَّق
لَا أُرِيدُ مُصْطَلَحَاتٌ لَا اِفْهَمْهَا
مِثْل :
اَلْإِيْدِلُوجْيَة
اَلْبِيرُوقْرَاطِيَّةُ
اَلرَّأْسِمَالِيَّةُ
اَلْكُونْفِدْرَالِيَّةُ
أَنَّ اَلْمَوْضُوعَ
بَسِيطٌ جِدًّا نَعَمْ بَسِيط جِدًّا
وَلَا يَتَطَلَّبُ سِوَى مُسْتَوًى عَالِي مِنْ اَلْفجرِ (بِضَمِّ اَلْفَاءِ)
إعْطُونِي غَانِيَّةَ وَكَاسٍ وَخَمْر
اُتْرُكُونِي وَجْهًا لِوَجْهٍ مَعَ شَعْبِيٍّ
إِنِّي جَيِّدًا أَعْرِفُ كَيْفَ أُرَبِّيْ
شَعْبِيٍّ اَلطَّيِّبِ اَلْحَنُونِ
شَعْبِيٍّ اَلْمُغَيَّبِ اَلْمَغْبُونِ
وَانْ طَالَ خَطَابِيٌّ سِنِينَا
أَنَّهُمْ مُبَرْمِجُونَ لِسَمَاعٍ خَطَابِيٍّ
بَلْ سَيُصَفِّقُونَ بِمُنْتَهَى اَلْبَلَادَةِ كَعَادَتِهِمْ
بَلْ إنَّهُمْ فِي أَتَمِّ اَلِاسْتِعْدَادِ لِلتَّصْفِيقِ بِحَرَارَةٍ
حَتَّى لَوْ طَالَ خَطَابِيٌّ اَلسَّخِيفُ هَذَا دَهْرُ
إعْطُونِي غَانِيَّةَ وَكَاسٍ وَخَمَّرَ
اتْرُكُونِي لِخَيَالِي
وَأَتَوْا لِي بِتِلْكَ اَلْفَاتِنَةِ هُنَاكَ
هَلْ رَأَيْتُمُوهَا ؟
نَعَمْ تِلْكَ اَلْحَسْنَاءُ ذَاتَ اَلْقَوَامِ اَلْمَمْشُوقِ
واَلَّتِي تَقِفُ عَلَى اِسْتِحْيَاءٍ آخِرٍ ذَلِكَ اَلسَّطْرِ
لَقَدْ شَدَّنِي صَدْرُهَا اَلْمُكْتَنِزُ
وَعِلَّتِي اَلْأَبَدِيَّةَ دَائِمًا هِيَ اَلنُّهُودُ
لِذَا خُذُوهَا لِقَصْرِي لِأَهَمِّيَّتِهِ مَابِينْنَا ذَلِكَ اَلْأَمْرِ
سَأَعْلَمُهَا دُرُوسًا فِي اَلدِّيمُقْرَاطِيَّةِ
سَأَحْرِصُ أَنْ تَسْتَوْعِبَ مَوْقِفِي
وَرُبَّمَا يَطُولُ دَرَسْنَا اَلْحَسَّاسُ شَهْر
إعْطُونِي غَانِيَّةَ وَكَاسٍ وَخَمَّرَ
إنَّ اَلسِّيَاسَةَ فَن لَا يُتْقِنُهُ اَلْكَثِيرُونَ
وَأَنَا وَحْدِي مِنْ يَعْرِفُ كَوَالِيسَهُ وَخَفَايَاهُ وَدَهَالِيزُهُ
وَبِأَنْ أَيّ خُطَّةِ اِسْتِرَاتِيجِيَّةٍ لِتُحَقِّق هَدَفَهَا وَتَنْجَحُ
يَتَحَتَّمُ أَنْ تَبْدَأَ مِنْ اَلسُّرَّةِ إِلَى مَاتَحْتْ ذَلِكَ اَلْخَصْرِ
إعْطُونِي غَانِيَّةَ وَكَاسٍ وَخَمْر
لِأَجْلِكُمْ أَيُّهَا اَلشَّعْبُ
نَعِيشُ مَرْحَلَةٌ حَزِينَةٌ
وَكُلُّ أَحْلَامِنَا اَلدَّفِينَةِ
يَتَحَتَّمُ أَنْ تَبْقَى دَفِينَةً
إنَّ اَلْكِتْمَانَ وَحْدُهُ مِنْ يُوَصِّلُنَا إِلَى اَلْهَدَفِ اَلسَّامِي
أَجِيبُونِي بِاَللَّهِ عَلَيْكُمْ أَيُّهَا اَلْأَشَاوِسِ
هَلْ سَمِعْتُمْ بِأَنَّ شَيْءً قَدْ وَصَلَ إِلَى مُبْتَغَاهُ
وَهُوَ مُتَحَدِّثًا بِاِسْتِرَاتِيجِيَّاتِهِ اَلْوَطَنِيَّةِ عَلَنًا هَكَذَا جَهَرَ
إعْطُونِي غَانِيَّةَ وَكَاسٍ وَخَمْر
#بِمُنَاسَبَةَ عِيدُ اَلْعُمَّالِ وَاَلَّذِي يُصَادِفُ كُلُّ عَامِ اَلْأَوَّلِ مِنْ مَايُو ، أَتَمَنَّى أَنْ يَكُونَ كُلُّ اَلْعُمَّالِ فِي اَلْعَالَمِ بِحَالِ أَفْضَلَ . وَأَنَا أَحَدِ اَلْعُمَّالِ اَلْمَطْحُونِينَ أُهْدِيَ إِلَى جَمِيعِ عُمَّالِ بِلَادِي هَذِهِ اَلْقَصِيدَةِ وَاَلَّتِي عُنْوَانُهَا (غَانِيَّة وَكَأْسٍ وَخَمْرٍ).
