تم اطلاق سراحنا، بسلامة الله وحفظه ، وفي النفس غصة مما جرى  من اثار نفسية  للاعتقال، لسنا دعاة عنف ولا فوضى، نحن دعاة تسامح وسلام القادر على انتاج شراكة حقيقية، شراكة تعيد صناعة مجتمع متنوع متعدد، فنستلهم من اكتوبر المخاض السياسي الذي انتج فكرتها، وصاغ قيمها ومبادئها، نموذج عدن ما قبل الاستقلال، منشئ الحركة العمالية، نواة الحركة الوطنية اليمنية، التي فجرت سبتمبر واشعلت روح اكتوبر.
وطردنا المستعمر، ولكنه عاد ليعبث بنا بالفتن ، وبالفتن وحدها كسر حالة التنوع، في حرب اهلية لم تتوقف حتى اليوم، حرب بلا وعي تديرها بندقية اريد لها ان توقف حدود التفكير عند شعار وراية، وضاقت مساحتها لمنطقة وقرية، فكل الحلول تتهاوى امام الاقصاء والتهميش، التسيد والهيمنة، ويبقى لا صوت يعلو فوق صوت الحزب، والصوت الاخر خائن او عميل.
غصة تعصر وعيك عندما يفرض عليك ان تكون وطنيا كما يريدون، وان تقبل بوطن لا يشبهك ولا يلبي تطلعاتك وطموحك، او تحاكم في اروقة النظام نفسه وحدود عقليته، لكي ينعمون بوطن عليك تتحمل ثقل نعمتهم، وصحيفتهم المرصعة  بالخيانة لك ولك معارض زورا وبهتان.
كل ما روج عن علم الشمال هو من صنع الخيال، حالة من الهستيري تبحث عن ما يكسر الوعي، ولو كانت هناك حرية لتشرفنا برفع علم الاستقلال هو ذات العلم الذي يرونه عار، والحقيقة ان العار قد اصابنا منذ ان تحاربنا على السلطة ابان الاستقلال، ورفع شعار كل الشعب جبهة قومية، ومن حينها تبدلت الشعارات وتعددت الرايات وصرنا شعب مطحون وسلطة غارقة بالايدلوجيا والذات المهيمنة، فشعارنا ما زال من حينها (ثورة ثورة لا اصلاح)، ومن حينها جبرنا بوعي تخريب وتدمير ما بين ايدنا، ومن لا يؤمن بالإصلاح لا يؤمن بالبناء والتنمية ، وفعلا كلما ثرنا دمرنا، وبذاكرة مخرومة  اصبحنا بلا عقل، تديرنا هواجس وشكوك اضعفتنا، ومكنت الغازي والمغتصب، ومكن ادواته مجموعة  نفعيين ومصلحيين ومنافقين وأفاقين، سلموا الجمل بما حمل، فلا استطعنا ان نقود الجمل ونحفظ ما حمل، فالغاصب والغازي نرحب به وندعوه برجل الخير، فاستغل خيراتنا وثرواتنا، ويقدم لنا منها فتات كصدقات ، ومن حينها فقدنا ومازلنا نفقد الكرامة، لنتحول لمجرد متسولين في بلاط ذلك الغاصب والغازي.
كل هذا اوجد حالة من التشوهات في المعايير، لكي تكن وطني عليك ان تكون عميل، النظرية الانهزامية ، كوسيلة للسيطرة والتمكين، وحاجة ضرورية ترفع من شأن الزعيم ، والمشكلة ان تلك التشوهات قد عممت في الذاكرة الجمعية لتنشئ جماعة القطيع ، قطيع تقوده عصاء ويحرسه عقل ممسوخ من كل وعي انساني و وطني، ممسوخ بالجهوية والعنصرية والكراهية العميقة التي لم تبقى ولن تذر غير نظام مسخ و وطن مهدور وانسان مغدور.
 المعتقل نموذج من الواقع، طائش متهور بعضلات بيده سلطة، يستخدمها للقمع وان حاورته اهان كرامتك، وزج بك في زنزانة مظلمة، يتعامل معك كحيوان، يحاول كسر  ارادتك، وعندما يواجه ضغوطات ينقلك لحالة افضل، لمكان يشعرك بدفء اللطف والود، انه اسلوب نفسي لإيصالك لحالة ضعف على امل يستطيع من خلالها  تغيير مفاهيمك ، لمفاهيم تتماشى وسيناريو المخرج .
وادها فرصة لاقدم كل الشكر والعرفان  للجميع دون استثناء، لكل من ساندني بكلمة ومناشدة، فأول ما قرأت حجم المساندة وعمق الدعم الغير محدود من الجميع زال عني كل شيء وزالت الغصة، واستعدت روحي وارادتي، وشعرت ان للوطن شرفاء ورجال مخلصون وقوة وعي قادرة للتصدي لكل هذا العبث، وانا اقرأ المساندات والمناشدات والتعبير الجميل بالمفردات والعبارات، اجهشت بكاء طهر كل ما بي من رجس المعتقل، الوطن بأمان ما دام هناك من لم يستسلم للعبث.
واحيطكم علما ان رجال الامن، ليسوا جميعهم بذاك السوء الذي مارس ضدنا العنف والعنجهية، فمعظمهم متفهم و واعي ويدرك حجم التحديات ويرى ان المعارضة حاجة ضرورية ليستقيم النظام، و بعظهم اسير نظرية المؤامرة ( الاعداء المتربصون)، وهي النظرية التي تبرر فرض القوة والسلطة بطريقة سمجة، لكن الوعي موجود بين معظم رجال الامن، كان بعظهم في التعامل الطف من اللطف نفسه و ودود وانساني لحد بعيد.
اعتقد انها تجربة تستدعي ان نعطي لأنفسنا فترة نقاهة ، فيها نعيد قرأت مبادئنا وقيمنا ومواقفنا، فلا احدا يدعي انه يملك الحقيقة لوحدة، و بين الصواب والخطاء تكمن احينا شعرة شيطان رجيم.
فالأوطان المحترمة تبنى بالتنوع  والتعدد والشراكة السياسية والمعاملة الحسنة ، دون ذلك لن يكن غير وطن جماعة وعلى بقية الجماعات ان تناضل من اجل حقوقها، وبالتالي لن تستطيع جماعة ان تحكم دون غيرها والله الموفق