صوت عدن/
 تقرير : سحر عبدالكريم الشعبي:

دفع الصراع الذي تشهدة البلاد بما فيها العاصمة عدن العام 2015 النساء إلى سوق العمل في مهن كانت محصورة على الرجال وسط تدهور الأوضاع الاقتصادية في بلد ينظر فيه للمرأة العاملة في الشارع والاسواق الشعبية بشيئ من الدونية والنقصان.
ومنذ ذلك الحين، أصبحت المرأة تعمل في مهن واشغال متنوعة ومختلفة، لنجدها في مجال بيع العطور والمأكولات والاكسسوارات والمجوهرات وغيرها في الشوارع خاصة الأسواق الشعبية، بالإضافة إلى فتح مشاريع جديدة من منازلهن في أغلب الأحيان، لكن كرامتهن لم تحفظ من المارة لعدم توفر اماكن خاصة بهن.

-قصة ندى:

تحاول الطالبة ندى احمد "20 عاما" توفير متطلبات دراستها الجامعية واحتياجات أسرتها بعد فقدان والدها قبل خمس سنوات، لتتخذ من شارع سوق كريتر الشهير في المدينة المعلنة عاصمة للبلاد مكانا لبيع العطور.
تقول ندي بمرارة إنها خرجت تعمل في بيع العطور بالشارع لتوفر احتياجات البيت وتكاليف دراستها بكلية الأداب، نتيجة فقدانها والدها الذي توفي عام 2018 متأثراً بجروح اصيب بها، قبل ثماني سنوات عندما سقطت قذيفة على مقربة من منزلهم في مديرية التواهي.
وتضيف: "تأثير تلك اللحظات الصعبة التي واجهتها الأسرة بعد وفاة والدهم جعلت من السعي نحو العمل ضرورة من أجل توفير لقمة العيش ، لها واخواتها الأربعة".
وتعمل ندى منذ عام ونيف في بيع العطور، متحدية المأسي التي اصابتها كونها فتاة تعمل في الشارع، لكنها تمني النفس بمستقبل تحظى فيه بمكان تستطيع أن تبيع فيه دون أن تتعرض لتنمر أو مضايقات.
ندى ليست الوحيدة بل واحدة من الفتيات اللواتي يصارعن الواقع من أجل فرض أنفسهن في سوق العمل والاعتماد على أنفسهن من أجل عائلاتهن اللاتي أصبحن بفعل الحرب مسؤولات عليهن.. وهن يطالبن بأن يكون لهن مكان يقدم لهن تسهيلات لعرض منتجاتهن وتحسين تجارتهن بالشكل المطلوب كسوق خاص لهن.

-القوى العاملة من النساء:

ذكر مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية، في تقريراً له عام 2019 بعنوان ، "اليمن: تداعيات الحرب على القوى العاملة من النساء" أنه وأثناء الصراع، بدأت النساء بإنشاء مشاريع جديدة داخل المنزل غالباً، أو بالالتحاق ببعض المهن كعاملات في المطاعم ، أو ممارسة التجارة في الأسواق على مداخل المدن والقرى ، وهي مهن كان يهيمن عليها الرجال سابقاً.
ويضيف التقرير أن الاستجابة الإنسانية في اليمن خلقت فرص عمل جديدة للنساء، في حين تم دفع البعض الآخر من النساء اليمنيات إلى العمل البدني الشاق غير الرسمي ومنخفض الأجر كتدبير المنازل، بينما اضطرت نساء أخريات إلى التسول.
في مارس من العام الجاري 2023 حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) من أن ملايين الأطفال يواجهون مخاطر متزايدة جراء سوء التغذية في اليمن إذا لم تخصص أموال بشكل عاجل لهذا البلد الذي مزقته الحرب، حيث يموت طفل كل 10 دقائق.
وقالت المنظمة الأممية في بيان إن من بين 11 مليون طفل يحتاجون إلى مساعدات إنسانية في اليمن، "يعاني أكثر من 540 ألف طفل دون سن الخامسة سوء تغذية حادا يهدد حياتهم".
وقالت المنظمة إنها "بحاجة ماسة إلى 484 مليون دولار" عام 2023 لمواصلة تدخلها في هذا البلد الأفقر في شبه الجزيرة العربية، والذي دمرته الحرب التي استمرت أكثر من 8 سنوات.

-بصيص أمل:

وتقدم بعض المولات التجارية في مدينة عدن تسهيلات لأصحاب المشاريع الصغيرة خاصة من النساء لعرض منتجاتهن داخلها، حيث يتم خصم نسبة مناسبة من قيمة المكان الذي سيتم استئجاره من قبل صاحبة المشروع، سواء "محل او كوشك أو باسطة" داخل المول.
وتعتبر النساء هذا بصيص أمل للمقتدرات في دفع الإيجار، ولكن لا يعد حلا مناسبا أو للكثير من النساء اللواتي يفترشن الأسواق الشعبية لبيع منتجاتهن.

-جهود نحو الاتجاه الصحيح:

وفيما تلعب الحلول الجزئية تلك دورا في المساعدة على تمكين المرأة من العمل ، شكلت مجاميع من النساء كتلة واسعة موجهة صوب هدف واحد هو ايصال المرأة الى مركز صناعة القرار ، حتى تتمكن من حل المشكلات النسائية الاكثر الحاحا ، ومنها قضية توفير اسواق خاصة للنساء العاملات في الشوارع والاسواق الشعبية لتمكينهن من العمل في ظروف افضل.
وتوضح مديرة مشروع تعزيز دور النساء في صناعة القرار المحلي ، المستشارة اقدار مختار ناصر أن المشروع انبثق منه ثمان فرق نسوية شبابية في مديريات مدينة عدن، سلطن من خلاله الضوء على القضايا التي تم اختيارها من قبل الفريق، والتي تسلط الضوء حول ،  قدرات النساء في حل العديد من القضايا المجتمعية، ولفت أنظار صانعي القرار إلى  أن إشراك النساء في اللجان المجتمعية  إشراك حقيقي ،  ومنحهن صلاحيات واسعه أصبح ضرورة ملحة.
وأشارت اقدار إلى أن فريق مديرية صيرة (كريتر) تبنى فكرة إنشاء سوق خاص بالنساء البائعات في المديرية ، لحمايتهن من المضايقات التي يتعرضن لها في الشارع، ويدعمهن للانخراط في سوق العمل في بيئة أمنه وملائمه ، والسعي لاحداث  تغيير إيجابي للمشكلات الاجتماعية التي اخترنها.
وأشارت مختار انهن قطعن نصف المسافة ، حيث حصلن على موافقة السلطة المحلية لا عادة تجهيز احد الاسواق القديمة وتخصيصه للنساء .

-مسؤول محلي:

ويؤكد مدير مديرية صيرة الدكتور محمود الجرادي ضرورة فتح سوق خاص بالنساء في ظل الشلل العام في الخدمات العامة للبلاد، وازدراء الوضع الاقتصادي السيئ في كل منزل، مشيرا الى ارتفاع معدل المضايقات التي تواجهها النساء في الشوارع والأسواق وخاصة سوق كريتر.

ويقول الجرادي إن مديرية صيرة (كريتر) تعد من أكثر المديريات وجوداً للنساء البائعات ، خاصة في الشارع العام للسوق، مشيرا إلى ان السلطة المحلية تسعى خلال المراحل القادمة الى رسم استراتيجية واضحه تعزز من وجود المرأة ومشاركتها في الحياة العامة وعلى مختلف الأصعدة، لتكون نموذجاً مشرفا يحتذى به في ريادة الأعمال.

-الصراع وتداعياته على المجتمع:

الظروف الاقتصادية والاجتماعية وتردي الخدمات الأساسية كانت نتيجة تداعيات استمرار الصراع، واثره على المجتمع، الى جانب ارتفاع الاسعار و تقلبات العملة كل ذلك مثل اسبابا لخروج النساء للشارع والعمل من اي مكان لتأمين قوت يومهن والعيش بكرامة رغم الصعوبات ونظرة المجتمع لهن.
في العام 2015، كانت قيمة الريال اليمني، مقابل الدولار 215ريال للدولار الواحد ليرتفع إلى أكثر من 1240ريال في مارس 2022، ما أثر على قطاعات الدولة، والمجتمع على وجه الخصوص، وعانت الكثير من الأسر اليمنية من الفقر والجوع و عدم وجود فرص عمل في بلد نسبة البطالة فيه وصلت حد 60%.

أصوات نسائية:
وتناضل النساء في عدن من اجل قضايا كثيرة على راسها، إيقاف الصراع وتحسين وضع الريال اليمني وخفض الاسعار للمنتجات الأساسية التي أصبحت للكثير من الأسر تشكل عقبة كأداء، النساء يطالبن ايضا بتسليط الضوء على النساء العاملات واستهدافهن من قبل المنظمات المحلية والدولية الداعمة ، والجهات الحكومية والخاصة من اجل دعم مشاريع استثمارية و تطويرية تساهم في إنعاش السوق المحلي من خلال المنتجات النسوية المحلية.