نصر صالح

العدوان الإسرائيلي على غزة، كشف/ فضح بعض الدول العربية والمسلمة، وتحديدا الدول الخليجية، وعراها في مواقفها المخزية من فلسطين ودعمها السافر للعدو الصهيوني دون تحرُّج (أو استحياء)..بل وتشجيع العدو الصهيوني للإجهاز على 'حماس'، ولا تكترث لقتل المواطنين العاديين في غزة أو تهجيرهم من أرضهم. 

وأوضحت هذه الحرب مدى بشاعة وإجرام "إسرائيل".. وتعمدها قتل أطفال غزة ونساء ومسني غزة.. كما أكدت الحرب حقيقة الغرب كونه صانع هذا الكيان الصهيوني العدو، وهو أيضا حاميه المستميت.. وفضحت جثث الأطفال والنساء والمسنين وكل المدنيين الذين لا يحملون السلاح زيف شعار حقوق الإنسان الذي يرفعه الغرب.

والملفت أن هذه الحرب، أظهرت أن جماعة الأخوان المسلمين ليسوا سيئين جميعا أو متماهيين (إلى حد ما) مع الغرب الإستعماري في مخططاته التآمريه على العرب وتحديدا القومية العربية، ومعاداة جيوش الجمهوريات العربية ذات العقيدة القتالية التي تعتبر إسرائيل هي العدو (كما ظهر ذلك جليا في "هوجة الربيع العربي" مطلع 2011). فبرغم أن نشأة حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) كان إخواني، ولها سابقة تمثلت في موقف مُنقاد لتوجه قيادة الأخوان المسلمين المتمثل بالتورط في حرب الغرب العدوانية على سوريا بسبب مواقفها المبدئية الداعمة لمقاومة الإحتلال الإسرائيلي باتجاه تحرير فلسطين.. وقد اعتذرت قيادة حماس على ذلك التورط فيما بعد. والأرجح فإن 'حماس' تحللت من عبء تبعيتها للحركة الأم في هكذا توجهات مشبوهة، وصححت تموضعها في قلب محور المقاومة.

   سيذكر التاريخ مأثرة 'حماس' البطولية والأسطورية المتمثلة في عملية 'طوفان الأضحى' 7 أكتوبر 2023م يومي 7 و8 أكتوبر. وبالمناسبة فقد كانت حماس هي المبادرة بالهجوم على "إسرائيل" لأول مرة في تاريخ المقاومة الفلسطينية (وبالمناسبة أيضا هو الهجوم الثاني بعد هجوم الجيوش العربية المصرية السورية في حرب 6 أكتوبر عام 1973م، وإلاّ فكل حروب "إسرائيل" مع العرب كانت هي البادئة بالهجوم باستمرار).  وكان هجوم واقتحام 'حماس' جريئا وناجحا وفلسطيني القرار 100٪ بحسب السيد حسن نصر الله. وهدفت العملية تحقيق عدة أغراض/ أهداف، في مقدمتها: (1) أسر "ما تيسر" من جنود الجيش الإسرائيلي، واحتجاز عدد من المستوطنين لمبادلتهم بمقاومين فلسطينيين وعرب ومواطنين نشطاء معتقلين في سجون الإحتلال، وعلى أساس الكل مقابل الكل. (2) رفع الحصار الجائر عن القطاع والمستمر منذ أكثر من 17 سنة.

   والعزم معقود من قبل المقاومة الفلسطينية ومعها بقية أطراف محور المقاومة على أن تحقيق كامل أهداف 'طوفان الأقصى'، دون نقص أو انتقاص، رغما من جميع تحشدات الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا الحربية المستنفرة لنجدة "إسرائيل" خشية إقتلاعها كلية.  

  لقد أظهر المقاومون الفلسطينيون بطولة نادرة في مقاومة العدوان الإسرائيلي الشرس والعشوائي على غزة والذي (كما قيل) أقدمت عليه "إسرائيل" كرد فعل على عملية 7 أكتوبر، وهو رد انتقامي، غاضب، مجنون، متوحش ولا إنساني، ويعتمد أكثر ما يعتمد على القصف الجوي بالطائرات أمريكية الصنع التي يتفوق بها جيش "إسرائيل" على كل الجيوش العربية مجتمعة.. وقتلت "إسرائيل"  حتى اليوم الـ 65 من القصف ما يزيد على 17 ألف فلسطيني مدني معظمهم أطفال ونساء وعجزة ودمرت بيوتهم، ومضاعفة تشديد الحصار على القطاع، ومنع دخول المساعدات من الغذاء والدواء ولوازم تشغيل ما بقي من المستشفيات التي لم تقصفها بعد.

   .. ورغم ذلك، فقد تمكنت المقاومة الفلسطينية من قتل وجرح ما يزيد على 3 آلاف جندي صهيوني، بينهم حوالي الثلث قتلى من النخبة (وهذا أعلى رقم تتكبده "إسرائيل" في تاريخ كل حروبها مع العرب). كما تشير التقديرات إلى خسارة أكثر من 500 دبابة وآلية إسرائيلية دمرها أو أعطبها المقاومون الفلسطينيون خلال شهر منذ إجتياح الجيش الإسرائيلي لغزة برا.
 
   وفي الحصار المشدد على القطاع، لم يسمح الإحتلال سوى بدخول القليل القليل من احتياجات الغزاويين من الغذاء والوقود والدواء. وللأسف، لم تتجرأ أي من الدول العربية القريبة على نجدتهم بما يكفي حاجتهم من طعام وماء ودواء، ومن ملابس تقيهم برد الشتاء وهم يبيتون في العراء أو بجوار بيوتهم المهدمة.. سوى اليمن (الجزء الذي يتبع سلطة الحوثي)، رغم بعد اليمن عن "إسرائيل" بحوالي الفين كيلومتر، فقد ضرب اليمن إسرائيل بالصواريخ والمسيرات المذخرة، وحظر مرور سفن إسرائيلية عبر باب المندب إلى "إسرائيل".. ومؤخرا، فرض اليمن (بقيادة الحوثي) معادلة: "السفن إلى إسرائيل مقابل الغذاء إلى غزة".

أخبار متعلقة