صوت عدن | ثقافة وفن:

مَعْلِششش..

هذه المفردة بالتّشديد العنيدِ الكاظمِ على الغيظِ، وعلى حرف الشّين، التي قالها الزميل وائل دحدوح مراسل قناة الجزيرة في غزة، وهو يقبّل ابنه الشهيد محمود، الذي ارتقى في إحدى مجازر مخيم النصيرات، وهي كثيرة، مع شقيقته شام، وَوالدته أمّ حمزة، زوجة الزميل وائل، ومعهم الرضيع آدم حفيد وائل، وشهيدات وشهداء آخرين من أقاربه الأصول، تحوّلت مع باقي كلماته فور وصوله جثمان ابنه الشهيد: (بينتقموا منّا في الأولاد... بينتقموا منّا في الأولاد... مَعْلِششش)، إلى أيقونة لها معنى، وَلها امتدادٌ وجدانيٌّ بليغ الأثر..

   .. ولعلّ هذا ما شجّع إذاعة "حُسنى" الأردنية أن تُنتجَ من وحي هذه الكلمات أغنية حملت اسم "مَعْلِش"، بصوتِ المجموعة ولحنٍ حركيٍّ هادر وتوزيعٍ موسيقيٍّ إلكترونيٍّ (تقريبًا) يتضمّن آلات مثل الأورج والكمنجات والإيقاعات (الدرامز على وجه التحديد) وبعض الهوائيات. تترافق الأغنية بفيديو كليب لِمشاهد من المَقْتلة الكبرى في غزّة، ومُقتبسات (مداخلات) لغزّيين يروون قصصهم ويؤكدون صمودهم، مثل قول أحدهم مع خفوتِ صوتِ موسيقى الأغنية: (بنتي بعد 12 سنة جبتها الوحيدة إلي، استشهدت لكن فِدا القدس)، أو قول إحداهنّ وهي واقفة في شبّاك بيتها المقصوف ترفع علامة النصر وحولها صغيرات وصغار تشع عيونهنّ وعيونُهم بالتحدّي: (ما بنطلع من بلادنا ولا بنطلع من أراضينا ولا من دُورنا... اللي بدهم ياه يسووه). أما كلمات الأغنية، فرغم أنها لا تزيد على واقع الحال، لكنّها مع لحنها وأجوائِها ومشهدياتِها، تحقق أثرًا بالغ الدلالة في هذه الأوقات من تاريخ المنطقة وفلسطين:

"ما بقدروا عا رجالنا بنتقموا من الاولاد
والله ما نترك دارنا إحنا أهل البلاد
مَعْلِش كلّه فدا فلسطين... 
   مَعْلِش لو سالت دموع العين

مَعْلِش تحت القصف واقفين... 
   مَعْلِش إحنا المنتصرين
لو قتّلوا أطفالنا.. لو هدّموا البيوت...
إحنا بضهر رجالنا.. نوقف بوجه الموت

بدها صبر رغم القهر..    خلّوا العزايم فوق
الله وعدنا بالنصر..    مهما الألم بنذوق
مَعْلِش كلّه فدا فلسطين... 
   مَعْلِش لو سالت دموع العين
مَعْلِش تحت القصف واقفين... 
   مَعْلِش إحنا المنتصرين".

في دقيقتيْن و41 ثانية، قالت الأغنية كل شيء، ووثّقت نفسها كمساهمةٍ فنيةٍ سريعةِ التفاعلِ صادقةِ النبْرة صادحةِ التّحدي.

المصدر: ضفة ثالثة 

أخبار متعلقة