مثل نخل حضرموت كان طولا، وكبرياء وعطاء، وشموخا ، يشمخ ولايشيخ ولكنه مثل الأشجار مات كماتموت واقفة ..
ومثل نبع الفرات كان يجري، ليسقي كل العطاشى من ماء المعرفة ، وبحر العلوم ، يعلم الانسان من علم الله مالم يعلم ..
 كنخيل غيل باوزير ، كان طولا وعطاء ََ، واسمرا كطمي الفرات ، وغزيرا كبحر العرب وشواطيء الشحر وشحير وبندر يعقوب وشرمة والمشقاص ، وخليج عدن .
  إذا تكلم فهو العلم والإنسان في غزارته وبساطته ..
 واذا نطق ، فهو العالم المثابرالذي يقدم برنامجه ( العلم والانسان ) لأكثر من نصف قرن من اذاعة عدن ،فيستمع إليه الجميع..  الصغار والكبار ، المختصون ، و العاديون ، فيفهمه الجميع، ويستفيد من علمه الثري الكل ولايرتوون ، بل يطمحون إلى المزيد ، فيفاجئهم بالجديد في نفس الموعد من برنامجه الأسبوعي طوال اكثر من نصف قرن ، لايكل ولايمل .
ولاالمستمعون يكفون من سماعه وتقديمه المدهش .
  مثل النخلة مات واقفا عن تسعين عاما ..العالم الإعلامي الأستاذ احمد عمر بن سلمان ..الوحيد الذي كنا في عدن عندما نلتقيه نناديه بالأستاذ ، رغم انه كان يكره الألقاب ، ويحب ان نناديه باسمه المجرد . لكن من كان يجرؤ ان يناديه بغير ذلك ، تقديرا واحتراما لتلك القامة العلمية الفذة . 
   كان بسيطا إلى درجة لايمكن ان تعرف البساطة إلا مقرونة به ..ومعرفيا لايمكن تعريف المعرفة إلالصيقة باسمه وبرنامجه العلم والانسان . 
  وكانت جلساته انيسة ، فيها الكثير من المعرفة دون إدعاء ، ومن روح النكتة والدعابة التي يمررها بين طي الكلام وحلو الحديث ، وكأنه يلتقط انجما من السماء ، وينثرها ذررا في الفضاء ، وانسا بين جلاسه . 
   كان الساحر الذي إن اعتدت عليه لاتستطيع ان تفارقه .. والعالم الذي يبسط العلم للناس ، فيسحرهم مذهولين ، وينهلون منه اجيالابعد اجيال ، ويغنيهم عن قراءة الكتب العلمية ، والنظريات المعقدة ، او يدلهم على منابع العلم والمعرفة ، وكل جديد فيهما .
  لم اعرف من قبل إنسانا شغوفا بالعلم والمعرفة إلى هذا الحد ، ثم لايشعرك ابدا بانه عالم ، بل إنسان بكل مافي الإنسان من شغف ، وصدق ، وبراءة ، وحب للحياة ، ومن ضعف، ونوازع إنسانية 
..وربما ان اختياره لعنوان برنامجه الأسبوعي ( العلم والإنسان ) يدل عليه كما تدل العتبة على باب البيت .. واي بيت ؟
  وفي حين أدار الكثيرون من الإعلاميين ومقدموالبرامج ظهورهم إلى المستمعين ، بعد عدة حلقات ، او عدة اعوام ، فان احمد عمر بن سلمان كان الوحيد الذي يملك تلك الطاقة العجيبة النادرة ليستمر في تقديم برنامجه لأكثر من نصف قرن بدون ضجيج ولا إدعاء ولاكبرياء ، بل بتواضع العلماء ، وعطاء الكرماء ..
  كنت تمر علينا عبر اثير إذاعة عدن صباح كل يوم في ( كلمتين اثنين ) وكل اسبوع في العلم والانسان .
  اليوم لا إذاعة ولاتلفزيون في عدن .. وبعد ان غيبك الموت ، نضيف ولااحمد عمر بن سلمان !