زمالة المهنية الصامتة !
من نافذة السنوات التي قضيتها في ميادين الصحافة ومهنه الإعلام أكتب هذا الرأي ليس تساؤلًا مجردا، بل شهادة واقعية مريرة.. هل نحن كزملاء مهنة نحمل في قلوبنا ما يكفي من المودة والدعم لبعض ، أم أن الغيرة والحسد تسللا إلى علاقاتنا حتى صارت قلوبنا مسورة بالصمت والتجاهل.. !
قد يخال لك أن الزمالة حائط حماية، وأن المعرفة الطويلة تخلق حصانة من الكراهية، لكن الواقع غير ذلك، رأيت وجرّبت بنفسي كيف يتوارى زميلك عن معايدتك في الأعياد ويتجنب ارسال رسالة أو الرد على تهنئتك في التواصل ويتجاهل وجودك في المجموعات، بل ويتوقف حتى عن السؤال عنك وكأن المهنية كانت ذنبك.
صحافيون كثر وأنا أحدهم، ممن واكبوا مراحل مهنية طويلة، ومسؤولين ومحافظين وإدارات متعاقبة، وكانوا جزءًا من الهمّ العام، لكنهم وجدوا أنفسهم في عزلة غير مبررة، لا سبب ظاهر لها، سوى أن أحدهم نشط ومتالق في حضوره الصحفي.
هذه واقع يعانيه كثير من الزملاء في مهن متعددة، لكنها في الصحافة أشد وضوحا، لأننا نعيش في دائرة الضوء، والمكان فيها ضيق، والمنافسة فيها قائمة على من يسمع أكثر، ويشاهد أكثر، لا على من يعمل بإخلاص.
أذكر مواقف (محددة) ولست بصدد تسميتها، حين تجاهل الزملاء بعضهم البعض ! وكنت أظنهم أصدقاء العمر لا بسبب .. فقط صمتًا باردا، بل غيابًا متعمدا.
ما يحزنني أكثر أن هذا التجاهل والتجافي يتسع مع الأيام وليس لفترة محدودة، في الوقت الذي يفترض أن تمتد جسورًا من الصداقة لا الحواجز البينية..
فهل هذه زمالة حقيقية أم غربة بزمالة مقنعة، وهل نعيش غربة في بلاط صاحبة الجلالة والسلطة الرابعة، أم أن الحسد والكراهية صارا جزءًا من تركيبة بعض النفسيات التعيسة ! انا لا أعمم، فثمة هناك قلوبًا نبيلة، وأصدقاء أوفياء؛ لكن من المؤلم أن يتحوّل النشاط إلى اهمال، والاجتهاد إلى سبب للقطيعة، وللتجاهل.
لذلك يفترض ان لا نخلق في قلوبنا مساحة للحسد ، ولا نكن سببًا في انطفاء وهج الزمالة؛ فمن حالفه النجاح .. اليوم، لعل قادم الأيام تحمل لك بشائر التوفيق والنجاح.
دعونا نعيد لزمالة المهنة، اضواء معانيها الحقيقية.. محبة و وفاءً، ونترك متسعًا من رحاب الفضاء لنشر عطر الابتسامة والصداقة المتينة، وتبادل الخبرات المهنية والاحساس بفرحة نجاح الزملاء ونجاحنا معًا لخدمة الناس في بلاط السلطة الرابعة.
وعام هجري جديد 1447 ودعوة لنعيش بعيدا عن الصمت المقيت للزمالة.. وكل عام والجميع بخير وعافية وسلام.