ولد عبدالرحمن محمد بارببد العمودي في قيدون سنة 1956م.  تقع قيدون في وادي دوعن الشهير بالعسل الدوعني ،بعد التقاء وادي ليمن ووداي ليسر ، وتعتبر بلاد ( آل عمودي ) واساسهم ، فجدهم الشيخ سعيد بن عيسي العمودي ولد وعاش هنا .كان داعية من دعاة الصوفية، عايش الفقيه "المقدم" الذي ينتمي للسادة آل البيت ، ويعتبرون من مؤسسي الصوفية بحضرموت ، الذين كانوا على نقيض الأباضية، المذهب السائد والمنتشر في ذلك الوقت في كل حضرموت بين القرنين الرابع والحادي عشر للهجرة ( العاشر والسابع عشر للميلاد ) . 
  تعد قيدون من اقدم المناطق في وادي دوعن و يرجع تاريخها إلى ما قبل الإسلام، و ذلك بوجودبعض النقوش المسندة في الجبال المحيطة بها. ذكرها العلامةالهمداني في كتابه: " الإكليل" ، و كان اول من سكنها ( الكِنْدِيون) و كانوا مجموعة من قبائل ذات اصول كندية متعددة " قبائل حِمْيَرْ" . و لكن تاريخها الحديث مرتبط بظهور قبيلة " آل عمـودي " بعد موت مؤسسها " الشيخ سعيد بن عيسى العمودي " رحمه الله عام 671 هـ. حيث عرفت به واشتهرت من خلاله من داخل حضرموت و خارجها.اما في الوقت الحالي فيسكنها احفاد" آل عمودي" و يشكّلون غالبية السكان .  اما اصولهم -آل العمودي - فيعتقد انها تعود إلى القبائل الحضرمية التي تفرعت من القبائل التي كانت موجودة في حضرموت ، مع ان السادة يقولون ان آل عمودي ينتمون إلى الخليفة الأول ابوبكر الصديق !! لكن هذا القول ليس له دليل علمي يعتد به . اسس لأسرته نفوذا روحيا وزعامة دينية في دوعن في القرن السابع الهجري والتي تحولت إلى دولة سياسية حكمت دوعن لفترة من الزمن .
                          (2 )
   
درس عبدالرحمن ، الإبتدائي في مدرسة قيدون ، وكان مديرها سعيد بن همام من غيل باوزير الذي تولى فيما بعد مساعد مأمور الغيل. وكان من زملاء دراسته: حسين باداهية، واخوه عبدالله ، وصالح باربيد ، وعمر باربيد ، واخيه سعيد عبدالله سعيد باربيد ( يرحمهم الله الثلاثة )  وحسين السويني .
   التحق عبدالرحمن باربيد ، بالمعهد الديني بغيل باوزير - الدفعة الثالثة - وكان من زملائه : احمد جمعان العسكري ، وعبدالقادر باصلعة، وعمر بازار (الله يرحمه)، وعلي صالح الخلاقي ، وبن شحنة، وعبدالله اليهري ،ومحمد سالم برعية، وسعيد حاج عبدالرحيم ، وصالح التريمي ، واخي صالح عمر بحاح وعبد الحافظ حسين البكري ، وباهارون ،وصالح نصر، وبن نسر قبله بسنة .
  
  بقي في المعهد الديني حتى سنة ثالثة، وعاش في الداخلية مع زملائه. خلال هذه السنوات تداول عليها ضباطا للداخلية كل من الأساتذة : محمد طه الدقيل ، سعيد بكير ،جمعان بامسعود، وسالم جبران.
  تحول تلاميذ هذه الدفعة بعد إغلاق ابواب المعهد إلى "وسطى الغيل" الشهيرة،مع التلاميذ الذين كانوا يدرسون  إلى سنة خامسة.  وبعد أداء إمتحان نيل الشهادة الإعدادية ، انتقل إلى ثانوية المكلا  ، عاش في القسم الداخلي . وكان من دفعته:  سعيد عبيد،وعمر بن ركيز ،وعبدالله العامري   زعيو من الديس الشرقية ، وحسن بركان من الشحر. ومن الغيل: عبادي باعامر ،سعيد باشطح، وبن غوث ، وعاشور فيح من القطن .
 بعد ثلاث سنوات انهى الدراسة الثانوية، وادى الخدمة الوطنية مدرسا ونائبا سياسيا في حريضة . الخدمة الوطنية كانت نظاما جديدا أعتمدته الدولة الجديدة بعد الاستقلال عام 1967م لتغطية النقص في المدرسين بعد التوسع الكبير الذي شهده التعليم خاصة على مستوى الأرياف البعيدة . وقد حقق الأهداف التي استحدث من أجلها. 
                               ( 3 )
   لم تكن الثانوية وحدها كافية ، لترضي طموح عبدالرحمن باربيد ليواصل رحلة التعلم بعد السنة التي قضاها في الخدمة ، كان ثم حلم يراوده، وكان عليه ان يلاحقه . منحة حكومية للدراسة الجامعية تحصل عليها حملته إلى يوغسلافيا، وهي دولة إتحادية تقع شرق غرب البلقان . كان الزعيم جوزيف بروز تيتو ،لايزال على قيد الحياة ،ويمسك بزمام الأمور ، وكان من أقطاب حركة عدم الإنحياز التي حاول مع زعمائها الرئيس جمال عبدالناصر ، والزعيم الهندي جواهر لال نهرو البحث عن طريق ثالث بين المعسكرين المتنافسين الشيوعي والرأسمالي ، دولة متعددة الأعراق تتكون من عدد من القوميات : الصرب،  الكروات ، البان،سلوفانيين ، مقدونيين ، بوسنيين ، الجبل الأسود،  مجريين، غجر ، أتراك،  بوشناق ، غوران، اورمان ، ظلت تتعايش بسلام قبل ان تنفجر النزاعات العرقية بينها وحروب الإستقلال بعد وفاة تيتو عام 1980م وينفرط عقدها وتنقسم إلى عدة دول .تتحدث شعوب صربيا والكروات والبوسنة والهرسك والجبل الأسود اللغة الصربية الكرواتية ، وهي اللغة التي على عبدالرحمن العمودي ان يتعلمها ويدرس بها علم الاقتصاد في جامعة بلغراد العريقة .
                               ( 4)

  يوغسلافيا كانت نقلة حضارية كبرى في حياة الطالب  عبدالرحمن باربيد القادم من اعماق حضرموت والذي لم يغادرها قبل ذلك إلى أي مكان ! الحياة في بلدإشتراكي، في أوربا الشرقية،منفتح لم يكن بالأمر السهل بنسبة لقادم من بلد إسلامي محافظ ! لكنه يحمل إرثا حضاريا ضاربا في عمق التاريخ .
    يوغسلافيابلدجميل جدا ، كما يقول ، وشعبه طيب ، كل شيء متوفر ، وفرصة للتعرف على حضارة وثقافة جديدتين، في محيط من الأجناس والأعراق واللغات التي لم يسمع بها من قبل ،وبحكم ان يوغسلافيا بلد منفتح، بعكس بلدان المعسكر الإشتراكي، يتوافد إليه الكثير من الطلبة العرب للدراسة على حسابهم الخاص .سيلتقي عبدالرحمن بالكثير من الجنسيات والقوميات في الجامعة، ويجد الإنسجام مع العديد منهم ،وخاصة مع  الفلسطينيين الذين كان يتعاطف مع قضية شعبهم العادلة ونضاله من أجل الخلاص من الإحتلال الصهيوني الإستيطاني لفلسطين .
                              (5)
  درس عبدالرحمن باربيد الإقتصاد في جامعة بلغراد ، اقدم جامعة في يوغسلافيا ، وثاني اكبر جامعة في منطقة البلقان بعد جامعة تسألوني،  وواحدة من اقدم الجامعات في مدينة بلغراد ، "تأسست عام 1876م ".
  ليست الدراسة فقط صعبة بالنسبة للطلبة الأجانب الوافدين ، بل كذلك لأبناء البلد اليوغسلاف انفسهم ، (على الأقل تروح )عليهم سنتان ! بالإضافة إلى دراسة اللغة الصربية الكرواتية، وهي تقع في الصف الرابع من اللغات الصعبة في العالم ، وتعود الصعوبة إلى انها من اللغات السلافية ، ومكمن الصعوبة فيها يعود إلى الأبجدية "السيريلية ". ومع ذلك تغلب عبدالرحمن العمودي على كل الصعوبات وان بعدد من السنوات اكثر من المقرر . 
  كانت فرحته لاتوصف حين نال الشهادة الجامعية ، ووقف بين اقرانه من طلبة وطالبات كلية الإقتصاد في جامعة بلغراد ..
    بعد التخرج سنة 1987م عمل بوزارة شؤون المغتربين بعدن حتى حرب صيف العام  94 حين اجتاحت قوات علي عبدالله صالح العاصمة الجنوبية.بعدها انتقل إلى فرع الوزارة في المكلا عاصمة حضرموت لمدة سنتين، قبل ان يستقر به المقام في جامعة حضرموت -مركز دراسات الهجرة - من الطبيعي ، في بلد تعتبر الهجرة احدى سماتها الرئيسة، ان تولي جامعة حضرموت الإهتمام بهذه القضية وتنشئ مركز دراسات خاصا بها ، وان يقع إختيار عبدالرحمن العمودي للعمل فيه بالذات ، قادما إليه من وزارة المغتربين حيث عايش عن كثب قضايا ومشاكل وهموم المغتربين ، وهي تجربة أفادته ولاشك في عمله الجديد باحثا في مركز دراسات الهجرة في جامعة حضرموت .
  ثم شغل منصب المدير العام لكلية الآداب ،ومن ثم كلية العلوم الادارية ، كان آخر منصب تقلده مدير عام التخطيط بالجامعة قبل ان يحال إلى المعاش سنة 2017 م .