ما أقسى أن يكون ما بُنِيَ بتعب ألف إنسان، مهددًا بالانهيار بكلمة واحدة، أو تصرف طائش، أو لحظة تهوّر! أن ترى ثمرة الجهد الجماعي، والعمل الصادق، والسعي المتواصل، تتهاوى لأن أحدهم لم يُدرِك قيمة ما صُنِعَ بالعرق والنية الطيبة.

ليست المشكلة دائمًا في قلة البُناة، فهناك كثيرون يجتهدون ليشيّدوا، ليصلحوا، ليزرعوا أملاً في أرضٍ قاحلة. لكن الخطر الحقيقي يكمن في كثرة من لا يعرفون معنى البناء، أو لا يقدّرون قيمة الجهود التي سبقتهم. أولئك الذين يظنون أن الهدم حرية، وأن النقد بلا مسؤولية هو صراحة، وأن "الرأي الآخر" يبرّر التجريح والتقويض.
فلنكن من الذين يحرسون ما بُنِيَ بأيدٍ مخلصة، لا من الذين يهددونه بالعبث أو سوء الظن. فلنحفظ تعب الآخرين، ونصون ما صنعته النوايا النقية، لأن كلمة واحدة قد تهدم ما لا يستطيع ألف بَانٍ أن يبنيه من جديد .