منذ ولادتها في ليلة شتوية باردة ، في مستشفىًٰ علىٰ يد ممرضة هندية ونحن معاً ، أمها كانت تريد ولداً ، لكنها جاءت (ْعَبِيرْ) ، ومذ ذاك وعبير معي ، تكون حيث أكون !!:
   البيت معي ، في السفر هي معي ، سافرناإلىٰ مدن كثيرة ، قاطعين آلاف الكيلومترات : دمشق ، اللاذقية ، أبو ظبي ، دبي ، رأس الخيمة ،  عدن ، المكلا ، الديس الشرقية ، القاهرة ، الاسكندرية ، الفيوم ، بيروت ...!
  في الفرح معي ، واكثر منه في الترح !،  في صحتي وفي مرضي عبير معي!! 
 القلق والخوف في عينيها يَشيُ كم تحبني حتىٰ دون أن تعبر عن ذلك بالكلمات !  مع أنها تقولها طوال الوقت كل حروف اللغة من مفردات ، مشتقات ، معانٍ باذخات، لايمكن إلاّأن يعبر عن حب هذه الصغيرة لي ،والذي لايقوله اللسان يفضحه اللّحْظ !!
     و(عبير) تحبني بجنون!! 
   إذا مرضت تهرع بي إلىٰ الطبيب كأني طفلها الصغير ،تعرف تفاصيل مرضي أكثر مني ،تشرحه للطبيب ، تشتري الأدوية ، وتحرص أن أتناولها :كل دواء في موعده المحدد .
  لاتنام إذا شعرت أنني أسعل ، أو اتألم  وتسألني بعد كل هنيهة : 
      إذا ماكنت أتحسن ؟ 
   تُثني علىٰ الطبيب إذا لاحظتْ أنني 
أتماثل للشفاء ، وتقول :
   دكثور (شاطر)!! 
أو :( أيش رأيك نغيره )؟ !!
  إذا لاحظت أن الدواء الذي وصفهُ لي لايعطي نتيجة !!
 لديها قائمة بأسماء الأطباء الذين تحرص أن يكونوا الأفضل ، أرقام وعناوين عياداتهم 
أطباء عيون ، أسنان ، أنف وأذن وحنجرة ، وصدرية ....
وبالذات( الصَدْرِيّة)!.ذلك الربو أوالحساسية يكاد يقتلني عندما تهجم نوباته المباغتة في مواسم الرياح والأتربة الشديدة كما حدث قبل أيام من بداية فبراير الحالي ، ويكاد يقتلها من خوفها عليّ !!
  ليست المرة الأولىٰ ، أول مرة كانت الصدمة شديدة عليها ، أُصيبتْ ( بالصُفَار )من خوفها عليّ، كان ذلك قبل أكثر من عقد ونيف حين نشرتْ صحيفة " الأيام " العدنية خبر اختطافي علىٰ يد أجهزة نظام( عفاش)!! .
 يومها أخذنا نعالجها من آثار الصدمة عند أطباء وغير أطباء حتىٰ تماثلتْ للشفاء .
  الربو داهمني أول مرة في الإمارات ، اعتبرتهُ عارضاً ، فاكتفيتُ باستخدام (البخّاخ )، دون أن أفحصَ لدىٰ طبيب مختص !!
( عبير )كانتْ صغيرة ولم تكن  معي ، كانت في( عدن )مع أمها وبقية الأسرة، اِخفيتُ عنهم الأمر، ولم أُولِهِ  مايستحق من اهتمام ، والنوبة لم تتكرر حينها. 
 بعد سنوات في( القاهرة)ظهر المرض من جديد  أكثر قوة ! يبدو أنه كان كامناً في مكان ما في الرئتين فتعرضتُ لموجات غبار في مواسم الرياح والأتربة ، وأيضاً لدخان الأرجيلة تلك التي لايخلو منها مقهىٌ في مصر !! لابد أن يصيبكَ منها شيء حتىٰ لو كنتَ لاتدخن ،مما يسميه الأطباء بالتدخين السلبي ! 
  (عبير )كانتْ معي هذه المرة، ولم أستطع أن أخفي عنها الأمر ،أخذتني إلىٰ أكثر من اِختصاصي صَدْر وحساسية 
 يخبو الربو فترة ثم يعاود الظهور أكثر قوة . 
 هذه المرة كان الأشد من كل المرات .لم  تُجدِ معه كل المسكنات والمهدئات التي أخذتها بناء علىٰ وصفات أطباءسابقين ولا نصائح مُجرِبين ! 
   يبدو أن حساسية الصدر مرض ليس له علاج نهائي ، مجرد مسكنات تهديء شدة النوبة وتعطيك راحة مؤقتة لفترة بقدر ماتسمح به استجابتكَ للعلاج ، ومهارة الطبيب المختص ، والتزامك بتعليماته ، لكن بقدر ماتبتعد عن المؤثرات ، وبقدر مايكون الجو لطيفاً معك والرحمن رؤوفا  بك ، وخلال ذلك كله تكون (عبير )تعاني أكثر مما أعاني ، وتمرض أكثر مما أمرض، فيكون دوري لإخذها للطبيب .
هي الأخرىٰ عندها قائمة أمراض ومجموعة أطباء وصيدليات وأدوية .،وكل ألم يَلمُ بها يصيبني في الصميم !!
  آخر طبيب أخذتني إليه( عبير )بعد موجة الربو الأخيرة اسمه( د . محمد ابراهيم )، اختصاصي صدر وحساسية ، وزميل جمعيات في اختصاصه مصرية واوربية والكلية الامريكية للصدر والحساسية ، وصف لي أدوية أعطتْ نتيجة خلال وقت قياسي ، شعرتُ بتحسن كبير ، زال معه الخطر الذي شعرتُ به في مرضي الأخير . 
في الاستشارة بعد اسبوع كتبَ لي روشتة أدوية لمدة شهر ، وبعضها لثلاثة أشهر ، وعليّ الالتزام بها .
(وعبير) طبعاً هي من سيقوم بمتابعةكل ذلك ككل مرة!! 
  أشعر أنه طبيب ممتاز ليس فقط لأنه أفادني ..وهذا صحيح  بل أشعر بالسعادة في عيني (عبير )، لشعورها أن أباها بخير ،وزالَ عنه الخطر .
  ابنتي( عبير )لاتزالُ علىٰ قلق !!،. تحذرني طوال الوقت من الخروج حتىٰ إلى الشرفة ، خشية  التعرض للغبار أوالدخان بناء علىٰ نصيحة الطبيب  ،وتفرض حالة طواريء في البيت حتىٰ لا أتعرض لإنتكاسة جديدة .
  ومازالتْ( عبير )معي ، وستظل روح أبيها إلىٰ الأبد!! 
  حبيبتي التي تَغيرُ عليَّ ويغار من حبي لها الجميع !!.