خرق امني في مطار عدن , الذي يمثل واجهة عدن , و عن أي واجهة نتحدث اليوم لعدن , واجهة تتعرض لاختراقات أمنية و باعتراف المسئولين .

وفي الحقيقة هي نتيجة طبيعية لاختراق ذات عدن , اختراق مجتمعها المدني والحضري , بغزو عقلية الريف , وتسلط القبيلة والعشيرة والعرقية كمعيار للسلطة والوظيفة , وضياع النظام والقانون , ومعيار الكفاءة والمهنية , لتدمير خصوصية عدن .

الشواهد كثيرة , اختراق امني للمطار , لم يكن الأول , ولن يكن الأخير , الفوضى التي أحدثتها عقلية النفوذ القبلي في استقبال حكومة المناصفة , اوجدت فرص تنفيذ العملية الإرهابية , والمطار مخترق على طول أمنيا وسياديا .

لازلنا نتذكر القائد العسكري الهمام , الذي اطلق حراسته لتأديب موظف حريص على تطبيق إجراءات تنفيذ النظم والقوانين في المطار , ليقدم واجهة البلد بصورة حضارية , فاصطدم بقائد يكره النظام والقانون , لماذا ؟!

للنظام والقانون معايير عادلة , يسند المهام للكفاءات , ويحفظ مهنية العمل والوظيفة ويضبط ايقاعها , ويضع الرجل المناسب في المكان المناسب , والعقلية المناسبة في الموضع المناسب , فلن يجد هذا الهمام مكانه بين تلك المعايير , سيعود من حيث اتى , ترفضه مدنية عدن , وثقافة وسلوك مجتمعها الحضري .

قوته في مسنده العرقي والمذهبي , وبندقيته , وبطانته من الحراسة بثقة تلك المعايير , أمام القانون والنظام هو اضعف خلق الله , ولهذا توحش في إطلاق حراسته لتنهش جسد الموظف المدني المسالم , الحريص كل الحرص على إجراءات نظامية وقانونية , تصرف اهوج يوصل رسالة مفادها , ان عدن حقنا , وانتم موظفين عندنا , فلا تتطاولوا على اسيادكم , نحن القانون ونحن النظام , فهو فوق المساءلة واقوى من المحاسبة القانونية والعقاب .

وهكذا تجرأ الجندي يوسف في تهديد امن مطار عدن , بفتح امان قنبلة يدوية , و محاولة تفجير قاعة الانتظار , بعملية إرهابية لا غبار عليها , هو نفس يوسف الذي تحرش يوما بفتاة عدنية في الشارع العام , ولم يحاسب او يعاقب قانونيا , انتمائه القبلي والعرقي , وولاءه العسكري لسلطة نفوذ , تريد لعدن الإذلال والمهانة , وهو ينفذ ومحمي من قبل ذلك النفوذ , واليوم يكررها بعملية إرهابية , وغدا سيتطاول اكثر واكثر , كلما ينجو من العقاب والحساب , والغاية تبرر الوسيلة .

هذه صورة واضحة لما يدور في عدن , العقلية القادمة من اغوار الجهل والتخلف , القروية التي تصطدم بمدنية عدن , وترفض حضرية وخصوصية تلك المدينة , وتعكرها بسلوك قروي متخلف , تفرض واقع مسيء لها ونفوذها وسلطتها , التي تستمتع بما يدور , مما يدفع عدن لتدافع عن خصوصيتها الحضرية .

الدفاع  عن ذات عدن, وعن المجتمع وثقافته و وعيه و خصوصيته الاجتماعية والسياسية والاقتصادية حق مكفول , تكفله المواثيق الدولية والقوانين الوضعية والشرائع السماوية , حق مكفول في مواكبة العصر والتقدم الحضري , ورفض الإرث البالي المتخلف الذي يعيدنا سنوات للخلف , وحقن المجتمع نعرات وكراهية وتمايز عرقي , ونفوذ تسلط القبيلة والعشيرة على مجتمع قد تجاوزها من زمن بعيد ثقافيا وفكريا وسياسيا .

تسعى الأمم لتنهض من كبوتها , وتنهض بالدولة الحديثة , والدولة الحديثة تتشكل من المدنية , والنظام والقانون , بمعايير الكفاءة والمهنية , بالوعي والثقافة المتحضرة التي ترفض كل تلك السلوكيات , وتعتبرها سلوكيات ما قبل الدولة , ومؤشر لرفض فكرة الدولة , رفض دولة النظام والقانون , والعدالة والمساواة والمواطنة .

ام ان نكون مع فكرة الدولة ومعاييرها الحقة , نواكب العصر ونسابق الدول المحترمة , او لا نكون و مع أدوات وأفكار ما قبل الدولة , التي تبقينا في ذيل قائمة الدول الغير محترمة , ولله في خلقه شؤون .

والله يستر عليك يا عدن من كل غازي وعابث , ويحفظك ويحفظ مجتمعك من كل مكروه .