الحديث عن تجربة رائدة وقامة وموسوعة  فنية وأدبية سامقة ظلت شامخة رغم صروف مشقة المصاعب والأنواء وقسوة المعاناة أمراً في غاية المخاطرة والتعقيد لما له من تفاصيل ومحاور غنية متداخلة لكل منها تجلياتها وقوة أثرها في ضمير ووجدان الشعب اليمني والأمة .

 الخوض في تجربة الموسيقار محمد محسن عطروش الإبداعية والفنية الخلاقة وسر ديمومتها وإستمراريتها (ردحاً من زمن الفرادة والعطاء الإستثنائي) المتجدد  بالنسبة لنا ومن وجهة نظري وقراءاتي المستفيضة لإبداعاته المتميزة  هو أنه إستطاع بفذاذة أن يعرج على كل المناحي والمنعطفات التي دارت وقائعها في عموم المشهد السياسي والوطني والإجتماعي والإقتصادي وأستطاع بلورت كل ذلك بقوالب إبداعية (عطروشية) متفردة (وإستثنائية ) في خضم معترك تفاصيل قضايا وهموم وإنتصارات وإنكسارات الوطن ..

 الموسيقار الثائر محمد محسن عطروش كان وسيظل صوت الأمة وضميرها النابض الحي لم يترك كل التفاصيل التي تلامس حياتنا اليومية منذ بداية بزوغه في أوائل ستينات القرن الفارط ..

فارساً مغواراً لايشق له غبار تعددت محاور تجربته الإبداعية لقد غنى لكل الشرائح وفئات وطبقات الشعب وأستطاع الوصول اليها بمحاكاة غير مسبوقه لقد أستنهض الهمم وخاطب كل شرائح المجتمع :

 الفلاح .. الجندي .. الطالب .. السياسي .. الصياد .. البحار .. وبرع بمهارة الفنان المثقف بإستلهام كل  المخزون التراثي المرتبط بجدور البيئة وعادتها وتقاليدها ونجح في تقديمها بخلطة سحرية (عطروشية) جاءت من خلال إستحضار   موهبته الفنية الفذة وثقافته الموسوعية والإنسانية ثرية الخصوبة عميقة الأثر ..

ويكفي أن الموسيقار محمد محسن عطروش صاحب الأدوار النضالية التي شهدتها الساحة الوطنية في كل المراحل السياسية والتي هيأت الظروف المواتية والمناسبة للخلاص من الإمامة وأشعلت وفجرت براكين ثورة (26 من سبتمبر) وكذلك الحال حينما أرتفع صوته الى عنان السماء هادراً مدوياً مزمجراً وكان عنصراً فاعلاً وحاسماً في قيام ثورة (14 أكتوبر المجيدة) الذي تبعها الإستقلال الوطني في ( 30 من نوفمبر الميمون) عام 67م كانت اغانيه وكلماته السبب الرئيسي في إشعال لهيب وحماس الثوار للخلاص من العبودية والحكم الامامي الكهنوتي والاستعمار البريطاني البغيض ..

ظل موسيقارنا الفذ طائراً محلقاً بين ضفاف الأنهار والبحار والشواطئ والجبال والقرى والبوادي والحضر ناشداً أغاريد المحبة والسلام ..

 أنه الصوت والنغم واللحن العبقري الذي رسم خارطة الوطن اليمني من أدناه الى أقصاه .

كان الفنان (القمة) أستاذ الأجيال (العطروش) يغني ويشدو بفن ملتزم هادف لامس أدق  هموم وقضايا وتطلعات تفاصيل حياة أبناء الوطن واستطاع بما قدمه من إنتاج نوعي النهوض والإرتقاء بوعي وثقافة الجماهير العريضة ..

 ولايستطيع أحد أن يصنف الموسيقار العطروش (بفنان أبين) البطولة والصمود والإباء والشموخ لوحدها لانه بكل بساطة حمل على كاهله كل شبر وذرة تراب في عموم الوطن اليمني بصورة عامة بكل تضاريسه ومناخاته وثقافاته المتعددة بل وتجاوز بفنه الخالد خارطة وحدود الوطن اليمني الى فضاءات الجزيرة العربية والخليج والوطن العربي بأسره ..

قدم فناننا الكبير محمد محسن عطروش/ كل الموروث الغنائي اليمني بكل تجليات الأصالة وكان وأحداً من أبرز الفنانين القلائل الذين تألقوا في تطوير الغناء الحديث والمعاصر ..

والحقيقة مهما تحدثنا عن مدرسة القمة (العطروش) تظل حروفنا وسطورنا ناقصة لايمكن أن تمنحه او تفيه مايستحق وماقدمه على أرض الواقع من إبداعات ونتاجات فنية تحتاج الى دراسات متخصصة ومراجع توثق بها تجربته الابداعية والأنسانية الباذخة النوعية التي خاطبت كل الحقب الزمنية وعاصرت كل المنعطفات والأحداث السياسية والنضالية والوطنية والإجتماعية التي لاتعد ولاتحصى ..

تحية من الأعماق للطود الأشم الموسيقار محمد محسن عطروش ونهديه كل المحبة والوفاء والتكريم والعرفان بهذا اليوم الرائع الأغر الذي نشعر به في قمة السعادة والبهجة وهو في واقع الأمر تكريم (للفن والفنانين) على إمتداد رقعة الوطن بصورة عامة ..

 والحقيقة أن منحه شهادة الدكتوراة الفخرية من جامعة عدن تكريم لائق وإستحقاق يتؤام مع مسيرته الفنية المتألقة بالوهج والنور والضياء والتنوبر والتفاؤل في أصعب الأزمات التي شهدها ومر بها الوطن الحبيب ..

تحية تقدير وإكبار لجامعة عدن على هذه الإلتفاته الراقية التي تحمل معاني جليلة وعميقة الأثر صوب الفنان القمة/ محمد محسن عطروش ..

 وتحية إجلال (لجامعتنا العدنية السباقة) والموقرة برئاسة الدكتور والإنسان الراقي الخضر لصور واللجنة التي أقترحت بمنح الموسيقار محمد العطروش شهادة الدكتوراة الفخرية شكراً لكل منتسبي جامعة عدن ..
 
يعجز يراعي عن بلاغة البيان وفصاحة التبيان في هذه اللحظات الرائعة التي سيدونها التاريخ باأروع وأنصع وابهى صفحاته للأجيال القادمة .