يجمع عوض سالم ربيع في كتاباته بين خفةالظل إلى حد السخريةفي استحضار أريج(روائح الزمان)، وبالجيد المرقوم من كل شيء.. الأغاني،والأمثال،والحكمة،والفلسفة، والرواية، فتتحول الحروف على يديه مطواعة إلى سطور وجمل ولغة جميلة يعرف  كيف يستخرج أسرارها الكامنة..وهو مالايتأتى إلا لمثقف شغوف بالقراءة وراصد للواقع يعرف كيف يرسم عوالمه وفضاءه في توليفة عجيبة، وقدرة متجاوزة في استيحاء اللغة، والكتابةفي سهلها الممتنع دون تفيهق، فيبحر بنا في خضم الماضي. وللماضي سحره الخفي،  بكل جماله وبساطته، وحنينا الدائم إليه.. يسقطه على واقعنا المتردي الذي نكابد منه أشد المعاناة! فيلامس أرواحنا بهدوء مثل قطرة ندى مبلل تجعلنا نتحسرعلى زمن جميل تولى، وحاضر ياحسرة تردى.. فلاشيء يروي عطشنا بعد أن جفت الآمال ، وكفت السماء عن المدرار ، كما كانت في السالف، فلا الأرض تخضر، ولا أرواحنا التي أصابها هي الأخرى الجفاف تزهر !
 تسرب الوقت الجميل من بين أصابعنا دون أن نشعر،، سُرق منا ، أم أضعناه بخطايانا وأخطائنا القاتلة؟ عوض لايقول لنا ذلك صراحة حتى لايصدمنا، لكن كل كلمة، سطر ،  تفصيلة ومعلومة تقول ذلك بشفافية حتى يسهل علينا إدراك كم كان ذلك الذي أضعناه رائعاً فيمنحنا القدرة على تصوره مادمنا غير قادرين على صنع ماهو أفضل منه، أو يماثله على الأقل، وإعادة الماضي إلى الحاضر محال.! لكن قلبي ماتوقع في محله. ويادمعة العين جودي.. وسلام لقلبك ....
 يحدث أحياناً أن نشعر جساً قوياً بالحياة، فنشتهي أن تكون أفضل،
ولكن بمجرد أن نلمسها تنزلق من بين أيدينا لتصير مجرد سراب في فيفاء واقعنا الراهن ببؤسه وتعقيداته الجمة ورماله المتحركة ...
  يستعيد عوض سالم ربيع الماضي ببعض تفاصيله، ويجعلنا نعيش معه اللحظة، وكأنها تنشأ الآن، ولكنها في نفس الوقت تغيب رويداً حتى تتلاشى فلا يبقى منها غير روائح الزمان التي تملأ المكان، وحسرتنا عليه .
 تشعرني كتابات عوض ربيع بمتعة القراءة والفائدة. قليل من الكتابات تشعرك هذه الأيام بالسعادة والجدوى معاً. لكنها في نفس الوقت برغم مافيها من ظرف وسخرية غير مرئية تحسسنا بالحزن، لأن الواقع من حولنا يزداد تعقيداً، ولانرى أفقاً، أو ضوءًا في آخر النفق ...
تفاصيل الحياة التي يسردها، لم يعد لها وجود. انسحب الناس الطيبون منها ولم يتركوا لنا غير الذكرى والألم..مات من مات ، وانزوى من انزوى، وهاجر من هاجر،  وظُلم من ظُلم ..وظُلم ذوي القُربى أشد مضاضةً على النفس من الحسام المُهند ، وداست عجلة الزمن  التي لاترحم من داست..
  وعلينا أن  نبحث الجواب للسؤال الذي يستره عوض بين الثنايا: كيف استطاع الأولون أن يصنعوا تلك الحياةالبسيطة
بأقل الإمكانيات المتاحةوعاشوهابقناعة سعداء حتى نسلك سلوكهم، ونقتفي آثارهم؟؟
 لانملك أجوبة لتلك الأسئلةالمستعصية..
..لكن عوض ربيع في كل صباح يطرق نوافذنا كما  حبات المطر تعشق الزجاج فيملأ قلوبنا بالحنين، لعله يُوقظ شيئاً فينا .. شيئاً من الأمل،أو الحافز فنحاول الاَّ نواصل "النوم في العسل"، بينما في الواقع نحن نتمرغ في الوحل ! المطين بطينة على حد تعبير إخوتنا الصعايدة.
 روائح الزمان ، ليست مجرد مرويات عن الماضي ، بل تحمل دلالات عميقة للتفكر والوقوف أمام واقعنا وحاضرنا المزري..
كيف نستطيع الذهاب إلى المستقبل بينما 
أضعنا الماضي ولانملك الحاضر ؟
لا نستطيع أن نجلس في مقهى خميس، ولامقهاية سالمين، ولا مقهاية المعلم، ولا أن نتبضع في كشك بن ثعلب، ولا أن نصنع المستقبل كما أطفال زمان .. لا نملك عصاصالح السبيدار حتى نضبط إيقاع حياتنا كما يضبط" المايسترو " "الاوركسترا" .. ولاعصا موسى نشق بها البحر، أوتلقف ما صنع السحرة..تلك عصا ومعجزة ربانية خاصة أنى لنا بمثلها؟!...
اختفى من حياتنا راديو "الترانستور" الذي كنا نعرف منه أخبار العالم من راديو لندن ، واذاعة صوت العرب، و نستمع منه إلى خطابات جمال عبدالناصر، وأغاني أم كلثوم وعبدالوهاب ونجاة.ة من بعده لم يعد هناك زعيم يحمل آمال الأمةفنحرص الاستماع إلى صوته، ولا السيدة فنهتم بالاستماع إلى غناها الأسطوري.. صرنا في زمن السح دح امبو وبحبك ياحمار ، والهشتك بشتك، والحب دح دح والهجر كخ كخ...وبوس الواوا.....ودوخينا ياليمونة..
قلب علينا الجميع ظهر المجن، انقلب كل شيء إلى الضد،فلم نعد نملك قلب كرسي على ميز صغير حتى لو كانت طاولة أودرجاً في مدرسة كما كنا نفعل عندما كنا تلاميذا أغرارا، والتعليم تعليماً بحق.
صرنا في زمن كثر فيه حملة الدال ، لكن لافرق بينهم وبين أكل "الدال" ! وشتان بين الطراحة والأطروحة.ولست أعمم، فليس كل من لبس العمامة شيخاً ، ولاكل من سبق اسمه حرف (د.) دكتوراً !! وحتى "الهاندروفل" الذي كان وسيلة رحلتنا من الديس إلى الشحر والعكس ،اختفى صار هو الآخر ذكرى من سفر الماضي .وطريق القفقف غير الرعشة وغير الرجفة......والسلام لقلبك ....
فلا الزمان الزمان فيماعهدناه...فسدالزمان فلا كريم يرتجى ، ولاتبتئس لصروف الزمان !!! أوكما قال البارودي ذهب الصبا وتولت الأيام...فعلى الصبا وعلى الزمان سلام ...وسلام ياصاحبي.
 وهذه بعض النماذج من كتابات عوض سالم ربيع اليومية ( روائح الزمان)
 كشك  بن ثعلب  . ...........٠الكشك هو محل تجاري صغير يقدم متطلبات الخدمة العامة في الأماكن المرورية المزدحمه ....صحف ....مجلات .....عصائر إلخ    قد يكون متنقلا وقد يكون ثابتا وقد نلتقي بكرة وقد لانلتقي.    لكن كشك بن ثعلب الملاصق لمقهى خميس بازهير بجانب مسجد عمر بالمكلا حبك إنت شكل ثان كما تقول نجاة الصغيرة. كشك صغير قدم خدمات مكلاوية خيصاوية لبان دخون حاسكي ...والحناء لها ماء ورد ودخون ...حياة معطرة بالورد ....كشك إبن ثعلب الكندي رائحة من روائح الزمان تلك الرائحة كما في رواية صنع الله إبراهيم شممنا عبيرها في عقدي السبعينات والثمانينات وشطرا من تسعيناته ...كشك يستقبل زخات بحر العرب.    عسى بحر العرب بعد الزعل يهدأ  يهدأ ويرجع كل نازح  لأوطانه قبل أن نكتم أنفاسه بالكبس الحجري المنفوش ...أكشاك زمان دواء وغذاء وفقاً لعنوان الدكتور صبري القباني تجد فيه الأسرة السعيده وبيت العز يابيتنا مصاصه حق سقله ودفتر بو 16 كشك بن ثعلب يبيع بإنسيابية دون مناداة متخذا من شعار رزقي ع خالقي دثارا للقناعة كنز لايفنى .   كشك علمني المعنى العام للبساطة والجمال     للحب والوفاء ...والكشك أصله سعادة يابخت منه سعيد....قد تقتعد طفل أوطفلة بجانب الكشك  لتبيع قليل باخمري قبل أن نعرف مهرجانه وقد تقتعد حرمة روكبية نسبة الى روكب وترجمتها بالإنجليزيه الصخرة المرتفعه High Rock....لعل Rock من روكب  لتبيع غطاء وتفال وقفة وزنبيل فكل شي يجري بمحاذاة الكشك العتيق بشفافية غنمة تثغو ودجاجة توقوق وجمل يهدر هدير عنتر ومناد وعندك واحد شاي زايد سكر ياعم خميس  . والمصطلح في قهاوينا الشعبيه واحد شاي معناه لبن وللتمييز واحد شاي أحمر ..كشك إبن ثعلب صديق مقهى بازهير كل واحد يعيش من الثاني وهكذا يبدو تناغم الحياة جميلا هادئا وديعا .. غابت رائحة من روائح الزمان غاب كشك بن ثعلب غابت عني رائحة حناه نسبة الى الحناء والبخور المعطر ....نحن لانشعر بقيمة الأشياء إلا إذاغابت عنا ....لم يك كشك بن ثعلب شيئا منسيا لكن شيء من أشياء محمد عمر بحاح حين دبج الرجل مقالات عن دكاكين الشحاريه بعدن وعن أكشاكها ....أما اليوم ضاعت أكشاشنا بين المضغة والنشوق ومستلزمات القات .   غاب عني كشك بن ثعلب وألقى مثيله وين .    والسلام على طيور الوادي وأغنية سلامه علي .   ..والسلام لقلبك 
 ● انموذج رقم (2: الأطفال ..وكيف يصنعون المستقبل؟.................................
 على ضوء ذا الكوكب الساري ومن رشفة قهوة أمي وخبز أمي ولمسة أمي رسم إبني وإبنك منتصف القرن الفارط طريق المستقبل إزاي ....رسم الأطفال لايتم بموازنة تقديرية أوتشغيلية أوحزمة مشاريع وكله طهم فيك ياليل الشتاء الطويل ولكن بكتلي قد إسود بفعل الدخان والعكر وبحرفوف خبز خرج حار يكهر من التنار ومن أمه في الدار قرصه حار ....أطفال زمان علموهم أن أبوبكر في الردة وأحمد بن حنبل في يوم الفتنة ولو قال رجل في خراسان أن أحمد بن حنبل من أهل  الجنة ماعنف بضم العين وتشديد النون على ذلك ..وأن حسان بن ثابت لم يحمل سيفا لافي جاهلية أوإسلام وإنما قال قصائد آزرت دين محمد توازي سيف خالد ...لهذا كانت تربية أطفال زمان سليمة معافاة لم يتلصصوا على الأب والأم في مخدع النوم ولم يعرفوا واتس إنتهك حرمة لبنى وليلى والتي مهتوكة الأستار ولم يعرفوا بأي طريقة يصعد 4 فوق سيكل نار واللباس الداخلي هو خارجي في الأصل   .وهذا كله من قلبي وغازلة الثوب الأزرق مع الإعتذار للشاعر محمد إبراهيم أبو سنه بتشديد النون  وإنما الأمم الأخلاق ....إجتمع أطفال السبعينات ع فنجان شاي سنقل شغل باخشب،،  شربوا منه فنجان شاهي هني  من قصبة بغلف ....لم يعرفوا ألعاب البلايستيشن لكنهم عرفوا الهنديه البلاستيك ذات الشعر المجدول ....ضحكة سنك. ...طيبة قلبك ..وإلا شعرك ياحبيبي ....شوصف فيك  ولولا الغناء والشعر مابيعرف حسين جاسم أحد ....طفل اليوم بحاجة إلى لعبة كشاعر بحاجة الى قصيدة ....لكن اللعبة إختفت والقصيدة تاهت في شفاه شاعر وضاعت لحانا بين حانا ومانا ....طفل زمان من أولى إبتدائي وقده حافظ  سورة عم .... الفرق بين طفل اليوم وطفل زمان ....أن الأخير لم يعلموه في الروضه أن إسمها لوضة وليس روضه  مجاراة له في النطق هم  علموه من البداية كيف يعوج بلسانه ....كانت الأم في الجاهلية إذا إعتكر عليها طفلها تربطه بالتأريخ إسكت وإلا أتيتك بالحارث بن جبلة وكان هذا حاكما بطاشا والمعروف بالأعرج وهو من أمراء المناذرة الغساسنه ....ياصاحبي اليوم ربة البيت إذا إعتبض عليها طفلها نهرته وربي مابتلاف الآيفون  !
والسلام لقلبك......
● انموذج رقم (3): الطاولة المقلوبة. ...........................باعة الخضار والفاكهة ونحوهم ذوو خبرة ومران كيف يقلبون الطاولة على المشتري إن هو ماكس في السعر وقلب الطاولة في عرف الأسواق إذا إنتهى وقت البيع والشراء فيقلب البائع الطاولة على الجميع ....وحين كنا تلاميذا أغرارا لم نك نعرف شيئاً عن قلب الطاولة سوى في الدورية الصباحية دورية الكنس فكنا نقلب الطاولة على الكراسي الدراسية  ثم نعيدها سيرتها الأولى ولهذا كان قلب الطاولة أثناء الكنس سهلاً وميسراً دون الحاجة إلى لهلهة وتمضاغ.....في ألعابنا الطفولية. كان قلب الحدية فردة الحذاء نذير شؤم ومنه جاء القول الشهير ياولد قلب الحدية بيد أن قلب الطاولة بغا قلب. فقد خبر غبار الناس ما معنى قلب الطاولة والمعنى ما من حموده غزل .....فلماذا تحديدا قلب الطاولة دون غيرها من الأمياز ?....ذلك أن الطاوله مجتمع المباحثات والمناقشات والمشاورات والمناوشات والمداخشات  وجلها على وزن مفاعلات ...كان قلب الطاولة في عهود العرب  بالإيجاز فقد سئل عبدالقاهر الجرجاني ماالبلاغة ? قال البلاغة هي الإيجاز ....من هنا يفهم بضم الياء أنه إذا أراد الخليفة أن يقلب الطاولة على أحد الولاة إستخدم الإيجاز في القول أما بعد فقد كثر شاكوك وقل شاكروك فإما إعتدلت وإما إعتزلت .....ياسلام ع قلب الطاوله بأربع كلمات موجزه Head Lines....قلب الخليفة على الوالي الطاولة شنقلي بنقلي بعد أن قال له لقد أذقت الشعب نكرانا وصدا وطفياً ولصياً وأذقتهم ضروبا من المثلاث  دون كتابة سيصدر  بيان ختامي بعد قليل وكله طهم فيك ياليل الشتاء الطويل كلما تكلمت قالوا صبرك قليل بنقلب الطاولة  والأخيرة  تحتاج الى شجاعة صفية بنت عبد المطلب.    .إمرأة قلبت الطاولة على اليهود حين كان النبي (ص) مشغولاً بإحدى غزواته .......والسلام لقلبك .  
                   (3)
عوض سالم ربيع إبن غيل باوزير، مدينة العلم والنور والنوابغ .. مدينة الأربطة الدينية، والمنطقة التعليمية،والتعليم الحديث وأشهرها وسطى الغيل . مدينة النخيل والباغ والحومة والحناء الغيلي، والتمباك الحمومي. مدينةالأدباء والكتاب والشعراء والظرفاء وأشهرهم العم سالمين الحضرمي . وغيل باوزير بلد جدي سالم سعيد وأخوالي من آل باشطح. وغيل باوزير مدينة علم وثقافة، فهي بلد الأديب والمؤرخ الحضرمي الكبير سعيد عوض باوزير، وبلد الإعلامي والصحافي احمد عوض باوزير صاحب ورئيس تحرير صحيفة" الطليعة" الغراء.
والقاص والكاتب عبدالله سالم باوزير..
رحمة الله عليهم جميعاً. ومدينة الشاعر والكاتب والمترجم نجيب سعيد باوزير..
والغيل مدينة طه حسين الحضرمي لا المصري.والغيل مدينة الخبير المصرفي والمالي محمد عوض بن همام، محافظ البنك المركزي السابق، ومن بعده لم تر عُملتنا العافية!! وبلد الدكتور عوض عبدالله بامطرف رئيس هيئة الجزر اليمنية سابقاً، ومدينةالاعلامي الأستاذ أحمد عمر بن سلمان صاحب ومقدم البرنامج الاذاعي الأشهر احمد عمربن سلمان ...فكيف لاتنجب لنا  عوض سالم ربيع ؟
                       ■□
  هرب منا الماضي.. لم يبق إلا أريجه و روائح الزمان تذكرنا به ياعوض ،فيخترق وحشتنا وحنينا إليه ...
 نفتقد إلى الحومة نلقي فيها أجسامنا الصغيرة، فوهتها من شاهق دون خوف، ونشعر بالإنتعاش ، لذة الماء وروعة المغامرة.. اطفالاً كنا ولانخاف .. أصابها الجفاف كما أصاب كل شيء في حياتنا
الجميلة ....
 نشتاق إلى الباغ بأشجاره الباذخة، وفاكهته اللذيذة، وبركته المستطيلة التي تعكس ظلال  الأشجار وجمال استراحته السلطانية. جميلة وعلى الطراز الهندي في محاكاة متواضعة لتاج محل، ومفتوحة للزوار...
 هل تدري ياعوض أن مايحصل لنا في صبانا هو أجمل شيء يمكن أن يحصل لنا في الحياة، بما في ذلك شقاوات الطفولة وبراءتها..انه زادنا للعمر كله مامضى منه، ومابقي ..الشيء الوحيد الذي لايمكن أن
نندم عليه .ولقلبك السلام .............
.